هو لم يكن وزيراً للخارجية فحسب، بل كان وزارة للخارجية يؤدي كل أدوار هذا الجهاز العظيم في تمثيل الوطن في المحافل الدولية، هذا هو سعود الفيصل بن عبدالعزيز. في أواخر شهر جمادى الثانية من العام (1359 ه) وفي عروس المصائف الطائف رزق النائب العام لجلالة الملك المؤسس الأمير فيصل بن عبدالعزيز شبلاً أسماه سعود وكانت الفرحة به لا توصف، وقد روت أحداث لحظة الاحتفاء بالشبل الجديد سعود بن فيصل بن عبدالعزيز الصحيفة الحكومية « أم القرى « حيث جاء تحت عنوان: الاحتفال البهيج بتسمية نجل سمو النائب العام المعظم، وفي هذا الخبر يقول المحرر في وصف الاحتفال بتسمية المولود باسم سعود: إن يوم الجمعة الماضي كان يوم حبور عام تجلى فيه شعور ولاء الشعب للأسرة السعودية الكريمة بأجلى مظاهره الحقيقية، فقد أجري في ذلك اليوم احتفال عظيم شائق بتسمية الأمير المولود السعيد حيث أقيمت بعد ظهر ذلك اليوم مأدبة فخمة رائعة في قصر حضرة صاحب السمو الملكي الأمير فيصل المعظم، وقد دعي إلى هذه المأدبة رجالات الدولة وأعيان البلاد يتقدمهم سماحة الشيخ عبدالله بن حسن رئيس القضاة، وأخذت وفود المدعوين تتوافد إلى القصر العامر، وكان البشر والسرور يعلو وجوههم، والانشراح والبهجة تغمر أفئدتهم، وكان في استقبال الجميع سعادة الشيخ حمد السليمان وكيل وزارة المالية، وسعادة الشيخ إبراهيم السليمان رئيس ديوان حضرة صاحب السمو الملكي الأمير فيصل، وحينما شرف سمو الأمير فيصل المعظم استقبله الحاضرون بالابتهاج والحضور بما يليق بمقامه الجليل من حفاوة وإكبار، وتصدر سموه الكريم صالون الاستقبال يحف به كبار المدعوين من رجالات الدولة والأعيان، واستراح سموه هنيهة وأديرت القهوة العربية، ثم أحضر المولود السعيد فاستقبله الحاضرون بالابتهاج والحبور، ووضع بين يدي سماحة الشيخ عبدالله بن حسن رئيس القضاة، فقام سماحته باجراء مراسم التسمية وكبر في أذنه، وتلا بعض الآيات القرآنية، وأعلن تسمية الأمير المولود باسم (سعود) فقابل الحاضرون ذلك بالحبور والغبطة وصالح الدعاء. وعقب ذلك تقدم بين يدي سمو الأمير المعظم الأستاذ إبراهيم الغزاوي شاعر جلالة الملك المعظم، فألقى قصيدة رائعة ضمنها تاريخ ولادة الأمير، وقد حازت الإعجاب وقوطعت بالاستعادة، ثم تقدم بين يدي سمو الأمير الأستاذ السيد عبيد مدني عضو مجلس الشورى فألقى بين يدي سموه قصيدة بديعة قوبلت بالإعجاب وقوطعت بالاستعادة، ثم تقدم الأستاذ فؤاد شاكر فألقى قصيدة قوبلت بالاستحسان والاستعادة، ثم تقدم الأستاذ أحمد موصلي مدير المكتب الخاص لمعالي وزير المالية فألقى أبياتاً بديعة ضمنها تاريخ ولادة الأمير الميمون وقوبلت بالاستحسان، وتقدم عبدالقدوس الأنصاري فألقى قصيدة قوبلت بالاستحسان، ثم تقدم الدكتور حسني الطاهر طبيب الأطفال فألقى كلمة مرتجلة قوبلت بالاستحسان. هذا توثيق لجزء مما تم في احتفال هذه الشرائح المتعددة من المجتمع بين علماء وأدباء وشعراء وأطباء بهذا الأمير وكأنهم يقرأون المستقبل الواعد لنجل الفيصل وحفيد المؤسس -رحمهم الله-. وبعد أن أخذ سموه الكريم نصيبه من الدراسة في أرض الوطن كان على موعد للتحصيل والدراسة خارج أرض الوطن؛ يقول الدكتور مطلق المطيري في كتابه عن الأمير سعود الفيصل: «إستراتجيات الإقناع السياسي.. قراءة تحليلية لخطاب سمو الأمير سعود الفيصل (ص 65): حصل على بكالريوس اقتصاد جامعة برنستون في ولاية نيوجيرسي بالولايات المتحدة عام 1964م. ثم التحق سموه بوزارة البترول والثروة المعدنية حيث عمل مستشاراً اقتصادياً لوزارة البترول والثروة المعدنية، وعضواً في لجنة التنسيق العليا بالوزارة، وانتقل إلى المؤسسة العامة للبترول والمعادن «بترومين» وأصبح مسؤولاً عن مكتب العلاقات البترولية الذي يشرف على تنسيق العلاقة بين الوزارة وبترومين بتاريخ (26- 2- 1386 ه). ثم عيّن نائباً لمحافظ بترومين لشئون التخطيط في 14- 1-1390ه، فوكيلاً لوزارة البترول والثروة المعدنية في 21- 4- 1391 ه الموافق 15- 6- 1971م حتى صدر مرسوم ملكي بتعيينه وزيراً للخارجية في التشكيل الوزاري بتاريخ 8- 10- 1395 ه الموافق 13- 10- 1975م. ومن مهامه الأخرى (والكلام لا زال ل د. المطيري) أنه نائب رئيس المجلس الأعلى للبترول، وعضو مجلس الإدارة المنتدب للهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها، وبحكم عمله كوزير للخارجية كان عضواً في الكثير من اللجان العربية والإسلامية مثل اللجنة العربية الخاصة بلبنان ولجنة التضامن العربي واللجنة السباعية العربية ولجنة القدس واللجنة الثلاثية العربية حول لبنان وغيرها. يضيف الدكتور مطلق المطيري: من الواضح أن الخبرات السابقة للأمير سعود كانت ذات طابع اقتصادي بالأساس، وهو ما أكسبه العديد من السمات التي مكنته من إتقان فن الإقناع السياسي. أ. ه. وفي ميدان الخارجية برزت شخصية سعود الفيصل الذي يشهد له التاريخ الوطني بدوره الكبير في أزمات عالمية وكيف كان مؤثراً وفاعلا -رحمه الله-. ومنها على سبيل المثال أزمة الخليج وحرب عاصفة الصحراء، وأحداث الحادي عشر من سبتمبر وجهوده الكبيرة في الحفاظ على الدم السوري، وغيرها من قضايا المنطقة التي كان سعود الفيصل مدرسة في فن السياسة والإقناع والدفاع عن الوطن في المحافل والمؤتمرات وإبراز الوطن بالصورة المشرفة. * من القصائد التي قيلت في الأمير سعود الفيصل عند ولادته ننشر فيما يلي قصيدة الأستاذ السيد عبيد مدني عضو مجلس الشورى وشاعر المدينة التي ألقاها بين يدي سمو الأمير فيصل المعظم وقد قوبلت بالاستحسان: (طالع اليمن الجديد) ننشر فيما يلي القصيدة التي ألقاها الأستاذ فؤاد شاكر بين يدي حضرة صاحب السمو الملكي الأمير فيصل المعظم وقد قوبلت بالاستحسان: (كأبيه السمح في أخلاقه) ننشر فيما يلي القصيدة التي نظمها الأستاذ بكر شرف، في تهنئة حضرة صاحب السمو الملكي الأمير فيصل المعظم بالمولود السعيد، وقد ضمنها تاريخ ولادة الأمير المولود: (يحيى سعود لفيصل) ننشر فيما يلي البيتين اللذين تشرف الشيخ محمود شلهوب برفعهما إلى مقام حضرة صاحب السمو الملكي الأمير فيصل المعظم بالتهنئة لسموه بالأمير المولود الجديد: (أيها الفيصل بشراك) ننشر فيما يلي القصيدة التي ألقاها عبدالقدوس الأنصاري بين يدي سمو الأمير فيصل المعظم: (نجم تجلى بأفق المجد مطلعه)