يواصل سوق عكاظ للموسم السادس على التوالي وفي نسخته التاسعة أداء رسالته في دعم الثقافة والأدب والفنون، معطياً فسحة كبيرة للمسرح باعتباره مشروعاً ثقافياً، وقيمة أدبية، وقبل ذلك وبعده هو «أبو الفنون» جميعها. وأقرّت أمانة سوق عكاظ هذا العام تقديم عرض مسرحي جديد بعنوان: «سُراة الشعر والكهولة» يتناول الشاعر المخضرم لبيد بن ربيعة العامري، والمعروف بأنه أحد رموز الشعر العربي، ومبدع واحدة من أشهر المعلقات، والذي امتدحه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله في الحديث المتفق عليه: «أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد (ألا كل شيء ما خلا الله باطل). وينضم الشاعر لبيد بن ربيعة بهذا العرض المسرحي إلى قائمة من شعراء المعلقات الذين كرّم سوق عكاظ سيرتهم الشعرية، مستمداً من أشعارهم وتجاربهم الخاصة في الماضي عروضاً مسرحية تضيء على الواقع المعاصر، حيث بدأ السوق تقديم عروضه المسرحية في العام 1430ه بمسرحية عن الشاعر امرئ القيس، ثم توالت العروض المسرحية في كل موسم من مواسمه المعاصرة، لتشمل على التوالي حتى العام الماضي 1435 كلاً من الشعراء على التوالي: طرفة بن العبد، زهير بن أبي سلمى، عنترة بن شداد، الأعشى القيسي، وعمر بن كلثوم. وفيما يجد المتابعون لعروض سوق عكاظ المسرحية السنوية مجالاً لتقديم إبداعاتهم في الكتابة والإخراج والتمثيل، ومحركاً لجمود المسرح السعودي، الذي يعاني قلة الفعاليات والأنشطة، لاسيما أنه يعتمد في كل عام اختيار أسماء جديدة للمشاركة في تقديم العروض المسرحية، اختارت أمانة سوق عكاظ الكاتب صالح زمانان لكتابة العرض المسرحي «سراة الشعر والكهولة»، الذي يمتلك تجارب ناجحة في كتابة أعمال مسرحية مشابهة، إذ كتب مسرحيتين لمهرجان قس بن ساعدة، ويعمل حالياً على كتابة عمل ضخم للأوبرا السلطانية في سلطنة عمان. وأرجع أمين سوق عكاظ الدكتور جريدي المنصوري سبب اختيار زمانين لكتابة نص المسرحية إلى (ما يملكه من مهارات وقدرات في كتابة النص المسرحي الجديد بحيث يكون هذا العمل على نمط المسرح المعاصر المتشكل من الدراما والاستعراض والغناء). وستقدم المسرحية في أربعة فصول, استخدم الكاتب فيها الفنتازيا والشخصيات المركبة التي تعبر عن تطورها من خلال الحوارات والاستعراض الإيحائي في تناول الشاعر المخضرم لبيد بن ربيعة. كما يتميز هذا العمل المسرحي بطرح العديد من القضايا الثقافية في العالم العربي, مرتكزاً على ثنائيات الشرق والغرب, والماضي والحاضر، والحقيقة المحضة والأسطورة العربية الباهرة، التي تحرر الإنسان عبر روحانية خالصة, فتنقله إلى عوالم أخرى، وتسمح له بكسر «الزمان»، فاتحة المصراع على أسئلة وابتكارات وألغاز. كما تضم مسرحية «سُراة الشعر والكهولة» خلال سوق عكاظ لهذا العام 1436- 2015م اشتغالات جديدة على معمار النص, حيث تم استخدام شخصيات مركبة, لبناء سيرة درامية غرائبية, تشمل في سياقها على تساؤلات عديدة حول لبيد بن ربيعة وما تركه من شعر وسيرة، والذي يظهر في العمل بأكثر من شكل, وأكثر من سن, بوصفه من أشهر المعمرين العرب, مثلما شهرته في الشعر. واستخدم الكاتب في حوارات المسرحية, لغة شاعرية خاصة، لا يخلو قوامها من التمسرح ودرامية اللفظ, كما استخدم أكثر من عقدة في بناء العمل, وأكثر من انهيار, مع بقاء العقدة الكلية للعمل, وانهيارها المأساوي في ختام النص. وتعد «سُراة الشعر والكهولة» عرضاً لمأساة الشعر والعمر المديد, وملهاة الباحثين وعشاق الغناء ومطاردة القصائد, كولاج بين الدراما والموسيقى والاستعراض, وتكتلات من الشخصيات الممزقة والجوقات الفنتازية المتفقة على التحكم وإدارة المصير. ويشير أمين سوق عكاظ إلى أن مسرحية لبيد بن ربيعة ستقدم عوالم فنية مدهشة وتحفل بالنص الشعري وأصوات الإنشاد لمقاطع من شعر لبيد تنفتح معها الأزمنة عبر تجذر عكاظ في ديار هوازن وجزيرة العرب.