أقرت أمانة سوق عكاظ هذا العام تقديم عرض مسرحي جديد بعنوان سراة الشعر والكهولة، للكاتب المسرحي صالح زمانان، يتناول الشاعر المخضرم لبيد بن ربيعة العامري، والمعروف بأنه أحد رموز الشعر العربي، ومبدع واحدة من أشهر المعلقات، والذي امتدحه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله في الحديث المتفق عليه: (أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد (ألا كل شيء ما خلا الله باطل). وستقدم المسرحية في أربعة فصول، استخدم الكاتب فيها الفنتازيا والشخصيات المركبة التي تعبر عن تطورها من خلال الحوارات والاستعراض الإيحائي في تناول الشاعر لبيد بن ربيعة. كما يتميز هذا العمل المسرحي بطرح العديد من القضايا الثقافية في العالم العربي، مرتكزا على ثنائيات الشرق والغرب والماضي والحاضر، والحقيقة المحضة والأسطورة العربية الباهرة، التي تحرر الإنسان عبر روحانية خالصة، فتنقله إلى عوالم أخرى، وتسمح له بكسر «لزمان»، فاتحة المصراع على أسئلة وابتكارات وألغاز. واستخدم الكاتب في حوارات المسرحية لغة شاعرية خاصة، لا يخلو قوامها من التمسرح ودرامية اللفظ، كما استخدم أكثر من عقدة في بناء العمل وأكثر من انهيار، مع بقاء العقدة الكلية للعمل وانهيارها المأساوي في ختام النص. وتعد «سراة الشعر والكهولة» عرضا لمأساة الشعر والعمر المديد، وملهاة الباحثين وعشاق الغناء ومطاردة القصائد، كولاج بين الدراما والموسيقى والاستعراض، وتكتلات من الشخصيات الممزقة والجوقات الفنتازية المتفقة على التحكم وإدارة المصير. ويشير أمين سوق عكاظ الدكتور جريدي المنصوري إلى أن مسرحية لبيد بن ربيعة ستقدم عوالم فنية مدهشة وتحفل بالنص الشعري وأصوات الإنشاد لمقاطع من شعر لبيد تنفتح معها الأزمنة عبر تجذر عكاظ في ديار هوازن وجزيرة العرب. وبدوره يؤكد كاتب النص صالح زمانان، أن اختياره لكتابة المسرحية سيكون محطة خاصة، فسوق عكاظ يمثل المسرحية الكبرى في المملكة وربما الخليج، باعتبار أن المهرجان قبلة ثقافية عربية وملتقى سنويا للتثاقف العربي، مشيرا إلى أن العمل المسرحي المعد محاولة حقيقية لإحياء الحالة الثقافية والإبداعية التي تزدحم بها ذاكرة المكان التاريخية. وأوضح زمانان أنه حاول في المسرحية أن يبني طقسا دراميا متنوعا بعيدا من جلب السيرة الذاتية، مشيرا إلى أن من يطمع في سيرة الشاعر لبيد بن ربيعة عليه أن يقرأ ما كتب عنه وبوابات القراءة مفتوحة وسهلة، وأضاف أخذت من سيرته الطويلة انعكاساتها، ومن شعره جزالته وقسوته، وجعلته حاضرا في أحداث جديدة لم يعشها في عمره المديد. وعن الإسقاطات في المسرحية على الواقع، يقول زمانان «حاولت أن أبني قصة جديدة غير المتعارف عليه في مسرحيات سوق عكاظ، حيث اختلي بشاعر المعلقة في مساحة لم يختبرها الشعراء السابقون، حيث تطارده وتبحث عنه شخصيات متعددة الأزمنة والأمكنة، مع ضرورة وجود الحالة الدرامية المشوقة والمتصاعدة»، موضحا أنه اعتمد على صناعة شخصيات مركبة مع شخصيات حقيقية ومعقدة، تطارد الشاعر في غيابه وتحاوره في حضوره، مؤكدا أن العمل سيكون مختلفا من ناحية الفرجة والبصرية، فهو قائم على تعدد الشخوص وتاريخها، وتنوع الأداءات واللوحات، واستخدام الاستعراض والجوقات، إضافة إلى زرع «الميديا والحالة الفلمية» في مجريات العمل، مشيرا إلى أنه تعمد لأن يكون العمل حفلة بصرية، وأرجوحة بين المأساة والملهاة، محاولا استغلال الأسئلة الأبدية حول الشعر والشاعر. وبدأ السوق تقديم عروضه المسرحية في العام 1430ه بمسرحية عن الشاعر امرئ القيس، ثم توالت العروض المسرحية في كل موسم من مواسمه المعاصرة، لتشمل على التوالي حتى العام الماضي 1435 الشعراء على التوالي طرفة بن العبد، زهير بن أبي سلمى، عنترة بن شداد، الأعشى القيسي وعمر بن كلثوم.