** تتواصل متابعة البطولة الأقدم على المستوى القاري من قبل عشاق الكرة العالمية بعد أن بدأت قبل أيام بالعديد من المباريات المثيرة، وبالعودة لفكرة «كوبا أميركا» التي بدأت في عام 1916م من قبل الاتحاد الأرجنتيني لكرة القدم بهدف تحقيق الترابط، وتحسين العلاقات.. وتبادل الثقافات، وذلك بعد نجاح «ثورة مايو» في الأرجنتين ضد المستعمر الإسباني، فإن البطولة تواصل إثارتها وجماليتها الكروية رغم اصطدامها بالعديد من الأحداث والمعوقات فيما مضى، وشهدت البطولة في سابق عهدها فوضى تنظيمية على مر العصور.. إلا أنها ما زالت منذ فجرها الأول مستمرة حتى يومنا الحاضر برونقها الخاص، وروعتها المتميزة في الأداء المشبع بالروح المعنوية العالية، والقوة والسرعة والمهارة الحاضرة على المسطحات الخضراء في دولة «تشيلي». ** لم تمنع معاناة الاتحادات الكروية للمنتخبات المشاركة على المستوى المادي البطولة من الارتقاء لأن تكون في مصاف البطولات العالمية المرموقة.. لتأتي في التصنيف من حيث المتعة والإثارة بعد كأس العالم وكأس أوروبا، ومتقدمة بمراحل على بطولتي كأس الأمم الإفريقية والآسيوية. ** تفوق بطولة كأس أمريكا الجنوبية على العديد من البطولات العالمية لم يأت من فراغ.. بل جاء نظراً للطبيعية اللاتينية الكروية الموجودة في البلدان المشاركة، ويكفي أن نتذكر معاً بصورة سريعة ومختصرة اسمي ميسي، ونيمار بالإضافة للعديد من الأسماء التي تمتلك ترسانة من المهارات العالية، والأداء المميز.. الذي من شأنه أن يضيف للروح القتالية والحماس الكبير الذي يتصف به لاعبو أمريكا الجنوبية عن غيرهم من لاعبي القارات الأخرى. فالمتعة التي تقدمها الأرجنتينوالبرازيل وكولمبيا والأوروغواي وبقية المنتخبات المشاركة في البطولة لا يضاهيها متعة من قبل المنتخبات الآسيوية والإفريقية.. ولا حتى الأوروبية. ** البرازيل رغم زعامتها العالمية، وفوزها بخمسة ألقاب كأس عالم إلا أنها جاءت في الترتيب الثالث من حيث عدد مرات التتويج بلقب «كوبا أميركا» بواقع ثمانية ألقاب، ويتصدر منتخب أوروغواي قائمة الهرم اللاتيني بواقع خمس عشرة بطولة «كوبا أميركا»، يليه الأرجنتين بعدد أربعة عشر تتويجاً، وتحتاج البرازيل (أكثر من غيرها) للفوز باللقب الحالي لتحسين الصورة الباهتة التي ظهر عليها منتخب السامبا في مونديال كأس العالم 2014 خاصةً الخسارة التاريخية التي مُني بها أمام المنتخب الألماني (بالسبعة) ليخرج من منافسات كأس العالم.. والذل يهيمن على لاعبيه. ** التاريخ يقول إن الأوروغواي والأرجنتين هما الأوفر حظاً في التتويج بلقب البطولة المهمة، وقد يمتلك منتخب التانغو التشكيلة الأقوى من بين المنتخبات المشاركة، إلا أن ذلك لن يجعل الأمور سهلة بالنسبة لهم.. خاصة إذا ما علمنا أن بقية المنتخبات تعرف تمام المعرفة كيف تجاري بعضها البعض في «كوبا أميركا». ** البرازيل تحت إشراف مديرها الفني الحالي كارلوس دونغا لم تخسر أي لقاء خلال العشر مباريات الودية التي خاضتها قبل انطلاق منافسات البطولة. وتمكن دونغا ومحاربيه من تحقيق العلامة الكاملة، إلا أن السقوط في الجولة الثانية من منافسات «كوبا أميركا» أمام كولمبيا بهدف دون رد أعاد للأذهان النتائج المفاجئة التي دائماً ما تكون حاضرة خاصة لمنتخب البرازيل. ** أوروغواي هي من ألحقت بالبرازيل هزيمة تاريخية في النسخة الرابعة من منافسات البطولة، وذلك عندما سحقتها بسداسية نظيفة. كما أن فوز البرازيل بلقبها الثاني جاء بعد أن انسحبت أوروغواي بسبب التحكيم لتتفوق البرازيل على بقية المنافسين وتتوج باللقب، والتاريخ يثبت لنا في كل مرة أن أوروغواي (يعد الدابة السوداء) التي دائماً ما تطيح بالسيليساو. ** اللقب الأول للبرازيل جاء في عام 1919م في النسخة الثالثة وبعد الفوز في مباراة ماراثونية تعد هي الأطول في تاريخ بطولة «كوبا أميركا»، حيث سجلت البرازيل هدفها الوحيد بمرمى أوروغواي في الدقيقة 122 في مباراة شهدت أربعة أشواط إضافية طوال 150 دقيقة. ** الأرجنتين أثبتت أنها الأقوى بالفعل بعد أن جمعت أربع نقاط من مباراتين، ورغم الضعف الواضح في افتكاك الكرة على مستوى خط الميدان إلا أن منتخب التانغو تمكن بقيادة ميسي وماسيكرانو لأن يفرض هيمنته على خصومه وسيطرته على الكرة بصورة عكست لنا بأنه المنتخب الأقوى في منافسات البطولة. وبالرغم من ذلك، على ميسي ورفاقه «الحذر كل الحذر» من مفاجآت البطولة القارية الأقدم على مستوى العالم.. تلك المفاجآت المدوية التي تتواصل على مر الزمان وتغير المكان.