لا شك أن مسؤولية إمام المسجد مسؤولية كبيرة، يجب عليه القيام بها؛ فإن الإمام مؤتمن، والمسجد أمانة في عنقه، قد استُرعي في القيام عليه؛ فيجب على إمام المسجد أن يقوم بهذه الأمانة خير قيام، وأن يحتسب الأجر في ذلك. ألا وإن من أهم مسؤوليات إمام المسجد: المحافظة على إمامة المصلين وعدم التخلف أو التأخر عنها إلا لعذر شرعي؛ حتى لا تقع بذلك مشقة على الناس. وفي حالة الغياب لأمر ما فيُخبِرُ المؤذنَ مسبقاً، أو ينسقُ مع من ينوب عنه، وعلى وجه الخصوص في خطبة الجمعة؛ فإنه قد يجد من ينوبه في سائر الصلوات، أما الجمعة فقلَّ أن يوجد. وقد سُئِل الشيخ صالح الفوزان - حفظه الله - في برنامج (نور على الدرب)، الحلقة السادسة عشرة من جمادى الآخرة لعام 1436ه، السؤال الآتي: «أنا إمام مسجد أتخلّف عن الصلاة بالجماعة مَرَّة لِعُذْر ومَرَّة لغير عُذْر، هل يلزمني أن أُخْرِجَ شيئًا من الراتب الذي أستلمه لأجل إمامتي بقدر الأوقات التي أتخلّف عنها؟». فأجاب الشيخ: «هذا لا يعفيك من المسؤوليّة، أنت مسؤول، وإمامة المسجد مسؤوليّة لا تتركها إلاّ لعذر شرعي. تحافظ على إمامة المسجد، ولا يكون الأمر بالخيار، إنْ شئت حضرت وإنْ شئت لم تحضر، وتقول: سأخرج من الرتب. هذا لا يعفيك من مسؤولية إمامة المسجد». وقال الشيخ ابن عثيمين: «إذا كان الإنسان موظفاً، أو كان إماماً في مسجد، فإنه لا يدع الوظيفة أو يدع الإمامة ويذهب إلى الصلاة في المسجد الحرام؛ لأن الصلاة في المسجد الحرام سُنة، والقيام بالواجب الوظيفي واجبٌ، ولا يمكن أن يُترك الواجب من أجل فعل السُّنة. وقد بلغني أن بعض الأئمة يتركون مساجدهم ويذهبون إلى مكة من أجل الاعتكاف في المسجد الحرام، أو من أجل صلاة التراويح، وهذا خطأ؛ لأن القيام بالواجب واجب، والذهاب إلى مكة لإقامة التراويح أو الاعتكاف ليس بواجب». انتهى من «مجموع الفتاوى والرسائل» (14/ 241). هذا إذا كان العذر هو الذهاب إلى مكة لأداء العمرة والصلاة في المسجد الحرام فكيف إذا كان التخلف بسبب الإهمال لهذه الأمانة العظيمة؟ فالواجب على أئمة المساجد أن يتقوا الله في هذه الأمانة، وأن يؤدوها على أكمل وجه، وأن يحتسبوا الأجر في ذلك، وأن يراعوا أحوال المأمومين كما قال - صلى الله عليه وسلم - «واقتد بأضعفهم» (صححه الألباني - انظر صحيح الجامع برقم1480)؛ فلا يطول عليهم إطالة تشق عليهم، ومن ذلك التأخر عليهم في إقامة الصلاة، أو التخلف عنهم بدون أن ينيب غيره.