يسهل عدم فهم معدلات البطالة لغير المختص والباحث بهذا الشأن فيمكن تغيير الأرقام وإبرازها بطرق مختلفة. فمثلاً دولتان عدد سكان كلٍ منهما 20 مليوناً، والبطالة لدى كلٍ منهما 10% ولكن إحداهما عدد العاطلين عن العمل مليون شخص، والأخرى 200 ألف شخص، كيف يحصل هذا؟ نتحدث هنا عن الأرقام المعترف بها من قبل الجهات المعنية، مع أنه يسهل التغيير في الأرقام في كثير من الدول لتحسين مؤشرات الاقتصاد. يجب أن نتعرف على طريقة حسبة نسب البطالة، ولكن مما سبق ذكره يجب ألا نقارن أنفسنا بغيرنا دون التحليل بعمق للأرقام. ففي حسبة نسب البطالة، ينقسم السكان إلى قسمين، الأول «دون سن 15» والثاني «15 سنة وما فوق»، ومن ثم ينقسم «15 سنة وما فوق» إلى قسمين وهما، الأول «داخل سوق العمل» والآخر «خارج سوق العمل»، ومن ثم «داخل سوق العمل» ينقسم إلى قسمين «مشتغلون» و»عاطلون».. البطالة هي العاطلون. نرجع إلى مثال الدولتين، ففي الدولة الأولى إذا كان عدد المشتغلين 9 ملايين شخص والعاطلون 1 مليون، فنسبة البطالة 10% وهي نسبة العاطلين إلى «داخل سوق العمل». أما الدولة الأخرى، فإذا كان عدد المشتغلين 1.8 مليون شخص وعدد العاطلين 200 ألف شخص، فنسبة البطالة 10%، وهي أيضاً نسبة العاطلين إلى «داخل سوق العمل». وبذلك نعلم أن طريقة حسبة نسب البطالة الدولية لا تعني الكثير عندما نقارن الدول ببعضها. الوجه الأكثر سوءاً إذا تذكرنا أن المملكة دولة بها عدد الأطفال كبير، وأيضاً عدد ربات المنزل كثير مقارنة بالدول الأخرى، فالمؤشر غير إيجابي ولا يدعو للتفاؤل. أما المؤشر الآخر الأسوأ وهو «نسبة المشتغلين إلى السكان» فنجد أن النسبة في السعودية 17% أما في الولاياتالمتحدة (مثلاً) 33%، وهذا يعني (فرضاً) أن كل شخص في أمريكا يعمل ويعول اثنين (زوجة وطفلاً) بهذه النسبة، أما في المملكة فيكون كل شخص يعمل يعول أكثر من 4 أشخاص (زوجة وثلاثة أطفال) بنفس النسبة، وبالتأكيد هذا عبء مالي على الزوج والأب أو الأم (فرضاً). ناهيك عن متوسط الأجور في المملكة وأيضاً ضعف المخرجات من الأعمال الصناعية والخدمية. نحن نقرأ المؤشرات التي تحسن من صورة الاقتصاد، ولكن الصورة الحقيقية نخفيها، فتقارير مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات ووزارة العمل أيضاً توضحان أن نسب البطالة تنقص، ولكن الأعداد الحقيقية للبطالة في ارتفاع مخيف بنسبة 4.7%، وهذا شاملاً إضافة السعودة الوهمية ضمن «المشتغلين»، فلو تم (استثناء) أرقام السعودة الوهمية ستكون البطالة أعلى بكثير، أرقاماً ونسبة. وحسب التقارير المذكورة، ارتفع عدد المواطنين «خارج سوق العمل» 100 ألف شخص، وهذا أيضاً مؤشر خطير بما أن المصنفين «خارج سوق العمل» عبء على المملكة بجميع الأحوال، ولم يكن خياراً، وفي كل الأحوال يصنفون «غير عاملين»، وليس من المنطق أن يكون في البلد أكثر من 3 ملايين شخص أعمارهم بين 20 و50 عاما خارج سوق العمل باختيارهم وهم ليسوا طلبة، والخوف يأتي من الافتراضات التي لا تؤثر مباشرة. يتضح للكل أن هدف الدولة هو القضاء على البطالة لأهداف تنموية وأمنية وغيرها، بينما الوزارات المعنية تنظر فقط إلى تحسين الأرقام، وهذا يستوجب التمعن والقراءة والتحليل بعمق. تذكر التقارير الرسمية لمصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات وأيضا لوزارة العمل أن «المشتغلين» السعوديين بالمملكة 4.9 مليون شخص، مع أن التقارير الرسمية التفصيلية تشير إلى أن الأعداد التفصيلية للمشتغلين فقط 3.5 مليون سعودي في القطاع الخاص والقطاع العام المدني والعسكري، ويبقى 1.4 مليون سعودي دون مصدر، ومهما كان مصدرهم فتأثيرهم كبير جداً وسلبي على معدلات البطالة المؤرقة للدولة والعنصر الاقتصادي المؤثر.