استحضرت «عاصفة الحزم» التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وتقودها المملكة بمشاركة عدد من الدول العربية والإسلامية مدى بُعد الرؤية واستشراف المستقبل والنظرة الحكيمة من خادم الحرمين الشريفين واهتمامه بقضايا الأمتين العربية والإسلامية وأحدثت مفاجأة لقوى الشر التي أرادت انزلاق اليمن الشقيق في دهاليز مظلمة. لقد دشّن قرار المملكة ودول التحالف بتنفيذ «عاصفة الحزم» عهداً جديداً في المنطقة والعالم العربي ككل بعد أن استنفذت كل السبل للحوار بين الأطياف التي تشكل القرار السياسي المستقل لليمن إلا أن تلك المحاولات لم تثنِ تلك المليشيات الحوثية ومساندهم الرئيس المخلوع علي صالح، بل زاد طغيانهم وعبثهم بأمن اليمن واستقراره، بالاستيلاء على السلطة بقوة السلاح في تكرار لمنطق الاستقواء بالخارج، ومحاولة استيلاد حزب جديد يمرق عن القرار الوطني في انتظار توجيهات إقليمية، عندها لم يكن هناك من سبيل إلا باتخاذ موقف سريع وحاسم لردعهم عبر عملية «عاصفة الحزم»، حتى تعاد الشرعية الدستورية إلى اليمن، التي انطلقت لتلبي نداءات الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، المستندة إلى ميثاق جامعة الدول العربية. إن انطلاقة «عاصفة الحزم» الذي أعلن بعد تحقيقها لأهدافها عن توقفها قرار سياسي عسكري شجاع وجاء في توقيت مهم وحاسم بالنظر لمستوى العمليات الإجرامية التي ارتكبها الحوثيون في اليمن، من سفك للدماء، وقتل الآمنين وإرهابهم، وانتهاك الحُرمات، وغيرها من أعمال تُنافي الدين والإنسانية التي أوقعها الحوثي في اليمن، وتربصهم ليس فقط بمن يخالفهم داخل اليمن وإنما بالإقليم وشعوبه. وقرار خادم الحرمين الشريفين المتمثل بنصرة أهل اليمن هو مقتضى ما أمر الله به في كتابه العزيز وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، بقول الحق تبارك وتعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}، واستجابة صريحة لقوله تعالى: {فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ}. وقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً)، وقوله: (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يحقره ولا يخذله). واكتملت حكمة هذا القرار ورشده بتأييد مجلس الأمن له في قراره رقم 2216 مما أفقد قوى الظلام صوابهم، ولقنهم درساً في كيفية العمل السياسي والدبلوماسي، واعترافاً من المجتمع الدولي بأن الدول هي من يتحكم في صنع القرار وليست منظمات وأحزاب تحاول فرض حضورها في المشهد السياسي من خلال سياسة الأمر الواقع. جاءت «عاصفة الحزم» لتحمل رسالة بأن أمن اليمن ومواطنيه، هو أمن الخليج بأكمله، وأن المملكة أرادت بذلك أن تبين للعالم أجمع أن دول الخليج تجمعهم الأخوة والدين والمصير الواحد، واتحادهم مع الدول العربية والإسلامية وحلفائها يبين ثقل المملكة خليجياً وعربياً وإسلامياً، والتاريخ لن ينسى مواقف المملكة الحازمة بعدما أثبتت قدرتها على إنهاء الصراعات الدائرة في اليمن والتأييد الدولي من معظم دول العالم لموقف المملكة في «عاصفة الحزم». قرار «عاصفة الحزم» سيسطره التاريخ بمداد من ذهب في سيرة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان ولقيادته الحكيمة التي لا تتوانى ولا تتأخر عمن يطلب المساعدة والعون والنجدة، ودائماً ما تتقدم الصفوف لإنقاذ من يستغيث من الدول الإسلامية والعربية وقت الأزمات والمحن وأداء واجبها تجاههم. إن عملية إعادة الأمل بعد «عاصفة الحزم» ستعيد الحق إلى أهله بإذن الله وتلقّن كل عدو للمسلمين درساً لن ينساه، وبأن للحق رجالاً أوفياء، أبطالاً صدقوا ما عاهدوا الله عليه، ينصرون الحق ويدحرون الظلم ويذيقون الظالم أشد العذاب، ويدافعون عن المقدسات والحرمات. إن المملكة تتمتع -ولله الحمد- بمكانة عالية بين المجتمعات العربية والإسلامية والدولية، وأن ما تقوم به من غوث واستجابة لدعوات المظلومين وبذل للخير ومساعدة المحتاج في شتى بقاع الأرض أكسبها حب العالم أجمع. اللهم احفظ خادم الحرمين الشريفين وسدد خطاه لما فيه خير وصلاح الأمة الإسلامية، ووفق جنودنا البواسل في حربهم على الظلم والإفساد في الأرض. رأينا وقوف أفراد المجتمع كافة خلال الحملة خلف قيادتهم الحكيمة قلباً وقالباً، وليس بغريب لأبناء هذا الوطن المعطاء. إبراهيم السليمان - عضو مجلس الشورى سابقاً