من الحوادث التي مرت عليَّ خلال العمل الصحفي حادثة وقعت للكابتن خميس الزهراني نجم فريق الاتحاد السابق، فقد سقط في أحد التمارين على المستطيل الأخضر، مصاباً من غير أن يحتك به أو يلمسه أحدٌ من زملائه اللاعبين، ووجدَ نفسه غير قادر على الحركة واللعب، فأُخرج من الملعب محمولاً على الأكتاف، وعايَنه أطباء النادي فلم يجدوا فيه إصابة ولا أثراً لتمزق أو ضربة أو خلافه، بينما كان النجم الخلوق لا يكاد يمشي، وبعد انتهاء التمرين وعندما همَّ اللاعب أن يصعد سيارته في المواقف جاءه أحد المشجعين، وقال له: (يا كابتن أعتقد أنني السبب في إصابتك التي تعرضت لها)، فقال له خميس وهو رجل ملتزم (إذاً علينا بالسنّة)، فأخذ الرجل معه إلى منزله، وطبّق ما هو منصوص عليه في الأحاديث النبوية الصحيحة، وفعل النبي الكريم (صلى الله عليه وسلم) في مثل هذه الحالات، وفي الفجر استيقظ اللاعب للصلاة، وكله نشاط وحيوية ولم يجد في نفسه شيئاً من الألم، غير أنه وجدَ (رسمة أعين) في موضع الإصابة وكأنها (النصل) التي أصابته، وقد عرف العائن من نفسه ذلك، فأنقذ - بعد الله - خميس باعترافه وتقديم نفسه إليه. تذكرت هذه الحادثة، وقد أصبح اليوم بعض الرياضيين والإعلاميين يرفضون علناً موضوع العين، ويجاهرون برفض إمكانية أن تصيب أو تكسر نجماً أو لاعباً أو فريقاً، وهذا خلاف السنّة والحقيقة والحياة، فالعين صحيحة وهي تمرض وتقتل، والعين حق، وضررها تقع بقدر الله تعالى.. وفي الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (العين حق، ولو كان شيءٌ سابقَ القدر لسبقته العين، وإذا استُغسلتم فاغسلوا) رواه مسلم. وفي حديث آخر عن جابر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (العين تدخل الرجل القبر، وتدخل الجمل القدر.. (فليحذر من يتساهلون ويستهينون بمسألة العين، لأنها من أقدار الله تعالى كغيرها من أقدار الخير والشر). أما السنّة التي أخذ بها خميس الزهراني، فتجدها في هذه القصة التي تُؤكد حقيقة العين، ويُوجهنا فيها الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام إلى كيفية العلاج منها، فقد روى عن سهل بن حنيف رضي الله عنه (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ مع أصحابه نَحْوَ مَكَّةَ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِشِعْبِ الْخَزَّارِ مِنْ الْجُحْفَةِ، اغْتَسَلَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ، وَكَانَ رَجُلًا أَبْيَضَ حَسَنَ الْجِسْمِ وَالْجِلْدِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ وَهُوَ يَغْتَسِلُ فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ وَلَا جِلْدَ مُخَبَّأَةٍ!! (أي الفتاة في خدرها) فَلُبِطَ سَهْلٌ (أي صُرع وسقط على الأرض) فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقِيلَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ لَكَ فِي سَهْلٍ، وَاللَّهِ مَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَمَا يُفِيقُ، قَالَ: هَلْ تَتَّهِمُونَ فِيهِ مِنْ أَحَدٍ؟ قَالُوا: نَظَرَ إِلَيْهِ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامِرًا فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ، وَقَالَ: عَلَامَ يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ، هَلَّا إِذَا رَأَيْتَ مَا يُعْجِبُكَ بَرَّكْتَ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: اغْتَسِلْ لَهُ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَمِرْفَقَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَأَطْرَافَ رِجْلَيْهِ وَدَاخِلَةَ إِزَارِهِ فِي قَدَحٍ، ثُمَّ صُبَّ ذَلِكَ الْمَاءُ عَلَيْهِ، يَصُبُّهُ رَجُلٌ عَلَى رَأْسِهِ وَظَهْرِهِ مِنْ خَلْفِهِ، يُكْفِئُ الْقَدَحَ وَرَاءَهُ، فَفَعَلَ بِهِ ذَلِكَ، فَرَاحَ سَهْلٌ مَعَ النَّاسِ، لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ). كلام مشفر * رأى الخليفة الراشد عثمان رضي الله عنه صبياً صغيراً حسن الهيئة، فقال:(دسموا نونته) أي سوّدوا الدائرة التي تكون في خديه، حتى تنصرف الأعين عنه. * السنّة أن المَعين إذا عرف عائنه، فإنه يشرع له أن يطلب منه الوضوء والاغتسال، وهو فعل النبي صلى الله عليه وسلم، والواجب على من طُلب منه الاغتسال أن يمتثل ولا يكابر في ذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: (وإذا استُغسلتم فاغسلوا)، ويقول بعض طلبة العلم (إن ظاهر هذا الأمر الوجوب). * إذا كانت العين حقاً ونؤمن بذلك، فإن هناك ما تُستدفع به بقدرة الله سبحانه وتعالى، وأولها قراءة أذكار الصباح والمساء، فقائلها لا يضره شيء - بإذن الله -، ومن أهمها (تجديدَ العبد لعهد الافتقار والذلة والانكسار لله والحاجة لحفظه ورعايته له). * ومما يُستدفع به ضرر العين التبريك - وهو قول: اللهم بارك فيه أو بارك له أو عليه، أو ما شاء الله تبارك الله -, قال ابن كثير - رحمه الله - في تفسيره: قال بعض السلف: من أعجبه شيء من حاله أو ماله أو ولده فليقل: ما شاء الله لا قوة إلا بالله.