أراد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -يحفظه الله تعالى- الكشف عن برنامجه النهضوي الطموح في كلمته الضافية التي وجهها لعموم المواطنين يوم الثلاثاء 19 جمادى الأولى 1436ه، الموافق 10 مارس 2015م. وفي رأيي، إن هذه الكلمة تُعد خارطة طريق تنموية شاملة، أوضحها الملك سلمان بعبارة واضحة، لا لبس فيها ولا غموض، وقد أكد فيها أن: التطوير سمة لازمة للدولة مع حتمية استمرار التحديث في المجالات كافة، وأن ذلك النهج هو العلامة التي ميزت المملكة منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز - يرحمه الله -. ومن الأمور التي يتوجب علينا التوقف عندها كثيراً أن الملك سلمان - يرعاه الله - أكد بشكل جازم أن ذلك الهدف الكبير هو مسؤولية الجميع، كما أشار إلى أن الدولة ماضية في تمسكها بنهجها الإسلامي القويم النابع من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، مشدداً على الاستمرار في تحقيق العدالة على المستويات الفردية والجماعية، بما في ذلك التنمية الشاملة المتوازنة في المناطق كافة، والسعي لتحقيق آمال المواطنين و «تطلعاتهم وأمانيهم المشروعة في إطار نظم الدولة وإجراءاتها»، في سياق وطني وحدوي، تعهد فيه بالحفاظ التام على الأمن والاستقرار، وإبعاد عوامل التفرقة والتصنيف بما يضر بالمجتمع وباللحمة الوطنية. مشيراً إلى أن المملكة ستستمر في تعزيز سبل التعاون والسلام الدوليين، ومحاربة صارمة للإرهاب. ومن المسائل التي حظيت باهتمام لافت في الكلمة الملكية الضافية ما يتعلق بالاقتصاد والتنمية؛ إذ أكد - يرعاه الله - أن المملكة ستعمل على تنويع مصادر الدخل الوطني «لبناء اقتصاد قوي»، يتأسس على شراكة حقيقية مع رجال الأعمال والقطاع الخاص، وتعمل الجهات الحكومية فيه على تحسين أداء مهامها بأفضل طريقة ممكنة، كما أنه شدد على استمرار محاربة الفساد، والمحافظة على المال العام، وإيجاد «حلول عاجلة» للإسكان، وتطوير الخدمات الصحية. مذكراً ببعض الصعوبات والتحديات التي يتوجب علينا وضعها في الاعتبار، كانخفاض أسعار النفط؛ الأمر الذي يحتم علينا جميعاً تقديم حلول مبتكرة لتشييد مقومات تنويع اقتصادنا الوطني، متضمناً ذلك الجهود الوطنية المخلصة لبناء ما بات يعرف ب«الاقتصاد المعرفي». ومما لا شك فيه أن على الجامعات دوراً محورياً في هذا المجال؛ إذ تمتلك قدرات وإمكانيات بحثية كبيرة. ولقد وضعت جامعة القصيم «الاقتصاد المعرفي» ضمن رؤيتها ورسالتها وأهدافها وخطتها الاستراتيجية، وسنولي هذا الأمر مزيداً من العناية البحثية والمهنية بعد الكلمة الملكية الكريمة، وكل ذلك يؤكد ضرورة تعاون الجامعات لتحقيق ذلك عبر برامج تعاون وشراكة ومبادرات جماعية في ضوء «الاستراتيجية الوطنية للتحول إلى مجتمع المعرفة»، وأعني بذلك الاستراتيجية التي أنجزتها وزارة الاقتصاد والتخطيط بالتعاون مع معهد التنمية الكوري في عام 1435ه. وثمة أهمية كبيرة للعناية البحثية والمهنية بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة التي حظيت بإشارة خاصة في كلمة الملك سلمان؛ الأمر الذي يوجب اهتماماً أكبر من قِبل الجامعات والمؤسسات البحثية والمهنية المتخصصة. ولعل القرار الحكيم بدمج التعليم يسهم في تحقيق تكامل وفاعلية أكبر في تلك المجالات الاقتصادية والتنموية. ولم تكن البيئة والتحديات البيئية بعيدة عن الاهتمام الملكي الكريم؛ فقد نص على ضرورة العناية الفائقة ب«التنمية المستدامة»، بما يحمي البيئة وينميها. وفي الختام، أعيد التشديد على ضرورة أن يكون هذا البرنامج النهضوي الشامل الذي أفصح عنه الملك سلمان - سدده الله - نصب أعيننا جميعاً؛ فالبلد مسؤولية الجميع، تنمية واقتصاداً وتعليماً ورفاهية وأمناً واستقراراً.. وأجزم بأن الجميع قادر على تقديم وتنفيذ حلول ومبادرات ذكية متنوعة وملائمة، من شأنها ترجمة هذا التصور التنموي الرائع إلى واقع ملموس. ونحن نتطلع إلى غد مشرق وتنمية أكثر تكاملاً وإنتاجية، وأمن واستقرار دائمين، بقيادة حكيمة رشيدة من قِبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - رعاه الله وحفظه -، وولي عهده وولي ولي العهد - يرعاهم الله جميعاً -.