بدأت الأندية السعودية في الأعوام الأخيرة التوجه إلى التعاقد مع المدربين العالمين الذين يملكون حضوراً قوياً في أوروبا، فكانت البداية مع نادي الهلال حين تم التعاقد مع المدرب البلجيكي إيريك جيريتس بمبلغ مالي ضخم وكان الهدف الرئيسي لإدارة الأمير عبدالرحمن بن مساعد حين التعاقد مع العجوز البلجيكي التتويج بكأس أبطال آسيا المستعصي منذ أعوام على الزعيم فضربت إدارة الهلال بقوتها في سوق الانتقالات وجهزت الفريق بأفضل الأجانب والمحليين ومنحت جيريتس الصلاحيات كافة للعمل بالفريق وبدأ معها المدرب السابق لأولمبيك مارسيليا يظهر مستويات مقنعة في الدوري والذي توج به في نهاية الأمر إلى جانب كأس ولي العهد إلا أن الزعيم لم يصل إلى ما يريد في بطولة آسيا فخرج على يد ذوب آهن اصفهان الإيراني حين خسر منه ذهاباً وإياباً في نصف نهائي البطولة بهدفين دون مقابل ومع هذه الخسارة بدأت الأخبار تظهر عن اتفاق رسمي بين جيريتس والاتحاد المغربي بتوقيع عقد مبدئي يتولى خلاله تدريب المغرب إلا أن هذه الأخبار قابلها نفي رسمي من إدارة الهلال والذي أصر مراراً وتكراراً على أن الهلال لن يتنازل عن البلجيكي ويثق في إمكانياته وصادق جيريتس على كلام إدارة الهلال حين أكد أنه يرغب في إكمال عقده مع الهلال لأعوام طويلة إلا أن هذه التصريحات ذهبت أدراج الرياح في الموسم الثاني للبلجيكي مع الهلال حيث قدم طلبه الرسمي بفسخ العقد ودياً والتعاقد مع منتخب المغرب للمصادقة على صحة الأخبار المتداولة منذ عام وأغلق معه الهلال ملف المدرب. برودوم والتحق الشباب بركب الهلال قبل موسمين فأعلن رئيس الشباب خالد البلطان التعاقد مع المدرب البلجيكي ميشيل برودوم بطل الكأس والسوبر في هولندا مع فريق توينتي انشكيده ووصيف الدوري الهولندي خلف أياكس امستردام وحط الحارس الدولي برودوم رحاله في الرياض وبدأ ترتيب صفوف فريقه الشباب والتعاقد مع لاعبين أجانب وبدأ الشباب مع برودوم بقوة فبات طرفاً ثابتاً في المنافسة على صدارة الدوري السعودي ووجد حينئذ منافسة شرسة من نادي الأهلي ودام الصراع طويلاً ولم يحسم إلا في الجولة الأخيرة حين التقى الفريقان في جدة وانتهى اللقاء بالتعادل الإيجابي بهدف لمثله ليتوج الشباب بطلاً للدوري دون أي خسارة وليرفع معها البلجيكي درع الدوري وفي عينيه حلم الوصول بعيداً في البطولات المحلية والقارية إلا أن ذاك الحلم لم يدم طويلاً فبدأت ملامح الإخفاق تلوح في الأفق ففي الموسم الثاني خرج الفريق خالي الوفاض حين احتل المركز الثالث في الدوري وخسر بطولتي كأس ولي العهد وكأس الملك وغادر آسيا بخيبة أمل، وبدأ برودوم الموسم الحالي بتشكيلة تبدو مختلفة إلا أن البداية جاءت أسوأ مما توقع مما أجبره على حمل حقائبه والمغادرة عائداً إلى الدوري الهولندي. بيريرا وفي الموسم الحالي أعلن الأهلي التعاقد مع المدرب البرتغالي فيتور بيريرا مدرب نادي بورتو وبطل الدوري البرتغالي الموسم المنصرم في صفقة مالية ضخمة كان هدف الإدارة الأهلاوية منها أن يستعيد الأهلي عافيته وقدرته على تحقيق لقب الدوري الغائب منذ سنوات عن خزائن الفريق وبدأ الأهلي الدوري بعيداً عن مستواه وظهوره المميز في الأعوام الأخيرة فظهرت مشاكل الفريق على السطح الإعلامي ومعها طلب المدرب في خطوة جريئة الاستغناء عن خدمات البرازيلي سيموس ومواطنه برونو سيزار والهداف العراقي يونس محمود بحجة عدم حاجته لخدماتهم وهو الأمر الذي أثار غضب جماهير الأهلي تجاه بيريرا واستمر مستوى الفريق في تأرجح طيلة الجولات الماضية، وغادر بطولة كأس ولي العهد على يد الفتح لتزداد معاناة الأهلاويين هذا العام وترتفع حدة النقد والغضب على المدرب بيريرا والذي وقف حتى الآن عاجزاً عن تحقيق أحلام الأهلاويين وإن كان يحتل المركز الثالث في الدوري إلا أن الفارق كبير بالنقاط بينه وبين المركز الثاني والأول وهو مما يعني استحالة أن يكون الأهلي بطلاً للدوري في ختام الموسم ويبقى للفريق الآن بطولتا آسيا وكأس الملك في نهاية الموسم ويتوجب على البرتغالي بيريرا أن يظهر الفريق في أجمل مستوياته ليثبت أن رهان الأهلاويين عليه أمر يستحقه المدرب البرتغالي وعدا ذلك فسيضع إدارة الأهلي في مأزق أمام جماهير فريقها إن واصل الفريق تراجع أدائه في الأسابيع المقبلة. جيريتس ولا تبدو تجربة الأندية السعودية مع المدربين الذين يحملون سيرة عالية في الدوريات الأوروبية ناجحة بل تكاد تصل مرحلة الفشل الفني والمادي كونها تكلف الأندية مبالغ طائلة أثناء توقيع وفك العقود وهذا الأمر لم يتوقف على الأندية وحسب بل حتى المنتخب السعودي الذي فشل في تجربته مع المدرب الهولندي ريكارد فكلف حضوره ورحيله عبئاً مادياً وفنياً على الكرة السعودية ويبدو أن المدرب القادم من أوروبا متشبعاً بالنجاحات ولا يبحث هنا عن شيء غير المال بغض النظر عما سيقدمه من ألقاب وإنجازات للفريق في وقتٍ حقق فيه التونسي فتحي الجبال الدوري وهو المدرب الذي لا يملك سيرة تدريبية قبل الفتح بضخامة سيرة برودوم أو بيريرا أو جيريتس لكنه حقق إنجازاً غالي الثمن لفريقه فكان تحقيق الفتح للدوري يوازي كأس آسيا للهلال والشباب والأهلي فيما سيكون الحال كذلك للأورجواني كارينيو مدرب النصر إن استطاع أن يحقق لقب الدوري هذا العام لفريقه إذ سيكون المدرب الثاني الذي يحقق إنجازاً لفريقه وهو لا يحمل سيرة ذاتية ضخمة قبل مجيئه للنصر ومن الطبيعي أن يكون تحقيق النصر نجاحاً لكارينيو ولا يكون نجاحاً لبرودوم وجيريتس كون الهلال والشباب لم يغيبان عن البطولات كما يغيب النصر أو كما فعل الفتح المقبل من الدرجة الأولى إذ حقق لقباً غالياً سيسجل لأبناء الأحساء ويبقى للتاريخ.