بوفاة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز فقدت الأمتان العربية والإسلامية قائداً عظيماً، ومدافعاً صارماً عن الإسلام، أمضى حياته في خدمة الإسلام والمسلمين وإظهار الصورة الصحيحة الجلية للإسلام والمسلمين، بعد أن تعرضت الى الكثيرمن الاهتزازات. مواقفه الخالدة سيسجلها التاريخ بمداد من ذهب، وستبقى نقطة مضيئة لمدة طويلة من الزمن كان- رحمه الله- يتحلى بالحكمة وثبات الرأي والحزم والغيرة على الإسلام والمسلمين، وقد أجمع كل من تعامل معه على صدقه وعروبته وبدويته وقدرته على اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب. عمل الملك عبدالله على نقل المملكة العربية السعودية لتكون في مصافي الدول المتقدمة في مختلف المجالات، لذلك جاء تركيزه على التعليم والصحة لأنهما الأساسان الرئيسان لبناء وتطور أي مجتمع من المجتمعات، والجامعات والمستشفيات المنتشرة في أرجاء المملكة دليل واضح وشاهد على هذا الاهتمام الكبير لهذا القطاع المهم. كان للبرامج التي تبناها خادم الحرمين الشريفين دور مهم وأساسي في التنمية بالمملكة، فبرنامج الابتعاث الذي استحدثه- رحمه الله- ليكون الأداء الأول لنقل علوم وثقافة العالم المتقدم مع ضرورة التركيز على موروثنا الثقافي والاجتماعي الذي اعتز به ونعتز به أبد الدهر، وفي كل مناسبة من المناسبات ولقائه بهؤلاء المبتعثين، كان يوصيهم بالتعلم ونقل الحضارة الحديثة الى المملكة مع ضرورة الاحتفاظ بالكيان العربي الإسلامي الذي لطاما اعتز به. ويعود له الفضل العظيم في إدخال المرأة في مجلس الشورى، لتأخذ المرأة مكانها في المجتمع ولتساهم في البناء والتنمية بمشاركتها للرجل داخل مجلس الشورى. بصمات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله ظاهرة على الصعيد العربي والدولي، فمواقفه الثابتة والراسخة من القضايا العربية وتبنيه لمنهج الاعتدال دليل واضح على أن السياسة السعودية هي سياسة راسخة وواضحة، وكان لتبنيه حوار المذاهب، وبعدها حوار الأديان من أجل إظهار الصورة الجلية للإسلام في العالم كله. فلسطين والقدس لم تغب عن عيون الملك عبدالله، فهي القضية المركزية ومحور أساسي في السياسة الخارجية للمملكة العربية السعودية، فهذه القضية حاضرة في كل لقاءات الملك عبدالله-رحمه الله- ومواقف المملكة ثابتة وراسخة منذ عهد الملك المؤسس عبد العزيز، ولخادم الحرمين الملك عبدالله بصمات واضحة بشأن القضية الفلسطينية وهي كثيرة نذكر منها مبادرة السلام العربية التي أطلقها في مؤتمر القمة العربي الذي انعقد في بيروت عام 2002م، وتم اعتبارها مبادرة لكل العرب وأصبحت هذه المبادرة الصوت العربي في المحافل الدولية على كافة الصعد، وهذا دليل واضح على الأهمية الكبيرة التي كان يتمتع بها الملك عبدالله. رحم الله خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبد العزيز آل سعود، وأدخله فسيح جناته، وخالص العزاء للشعب السعودي الكريم، والأسرة المالكة وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، فهو خير خلف لخير سلف، وولي عهده الأمير مقرن بن عبد العزيز، وولي ولي عهده الأمير محمد بن نايف حفظهم الله، ونتمنى لهم التوفيق من الله، وحفظ الله المملكة العربية السعودية. د. فتحي محمد الدرادكة - أستاذ التاريخ المساعد -جامعة الملك فيصل