قالوا قديماً (أطفالنا أكبادنا تمشي على الأرض) لا شك بأن كل أسرةٍ تُعنى بأطفالها ولاسيما في الجانب الصحي والوقائي لكن تكمن المشكلة عندما يتعرض أطفالنا لخطرٍ خفي لا يتم اكتشافه إلا متاخراً، ذاك الخطر الخفي الذي يهدد أطفالنا في كل لحظةٍ هو مرض كسل العين الوظيفي!! كسل العين الوظيفي (amblyopia): هو مصطلح طبي يتم استخدامه عندما تنقص الرؤية في إحدى العينين أو كلاهما ذلك أن العين والدماغ لا يعملان مع بعضهما، بحيث تبدو العين تشريحياً طبيعية لكنها لا تعمل بشكل طبيعي بسبب تفضيل الدماغ لإحدى العينين دون الأخرى. لماذا كسل العين يشكل خطراً على أطفالنا؟ والجواب على ذلك: إن كان هناك كسل في العين فمن الطبيعي ألا ترى بوضوح على الأقل في عين واحدة ويعتمد ذلك أيضاً على درجة الكسل إن كانت كبيرة أم لا، صحيح أنه يمكن الاعتماد على عين واحدة للرؤية لكن لاشيء يضاهي الرؤية الواضحة بالعينين، كما أن درجات الكسل البسيطة قد تحرم الشخص من الرؤية ثلاثية الأبعاد مما يؤدي إلى استحالة القيام ببعض الأعمال الدقيقة التي تتطلبها بعض المهن. ومما لاشك فيه أنه إذا كانت عين واحدة هي التي تقوم بكامل الوظيفة البصرية فإن ذلك سيعرض الشخص إلى خطر فقدان البصر عند إصابة العين بأمراضٍ أو تعرضها لحادثٍ لا قدر الله، لذلك فإن كسل العين قضية طبية مهمة يجب الاهتمام بها ومراعاتها وعلاجها في الوقت المناسب، فمعظم حالات الكسل يتم اكتشافها بالصدفة أي دون أعراض، ما يعني أن الأطفال نادراً ما يشتكون من ضعف الرؤية أو أي أمراض عينية أخرى، وهم قادرون على التكيف بسهولة مع معظم الأعراض المرضية البصرية، لذلك يجب على الأهل فحص النظر لأطفالهم بشكل دوري، كما يجب عليهم أن يكونوا شديدي الملاحظة واللجوء إلى أخصائي العيون عند وجود أي من الأعراض التالية: * ضعف في مستوى الرؤية في إحدى العينين أوكلاهما ويتمثل ذلك في محاولة إغلاق الطفل عينيه قليلاً ليتمكن من اللعب أو القراءة أو مشاهدة التلفاز. * وجود حَوَل ظاهر في العين. * محاولة اتخاذ وضع معين وإمالة الرأس إلى أحد الجانبين عند النظر إلى الأشياء. * الاقتراب من التلفاز عند المتابعة أو تقريب الأشياء عند النظر إليها. * الصداع أو الإجهاد العيني. أسباب كسل العين * الحَوَل: وهو انحراف في اتجاه إحدى العينين أو كليهما إلى الداخل أو الخارج أو لأعلى أو لأسفل مقارنة بالعين الأخرى. * الحِرْمَان: وهو عندما يكون هناك حاجز يحول دون وصول الضوء من الخارج إلى الشبكية كما في حالات الساد الخَلْقي «الماء الأبيض الخلقي» أو في حالة ارتخاء الجفن الحاد أو عتمة القرنية أو الولادة المبكرة (الأطفال الخُدَّج) حيث إن الشبكية لم تنم بالشكل الكامل بعد، أو بسبب نزيف الشبكية. * العيوب الانكسارية: كما في حالات قصر النظر وبعد النظر أو الانحراف اللابؤري، مع العلم أن الوراثة تلعب دورا كبيراً في الأسباب المذكورة أعلاه ونعني بالوراثة أن يعاني أحد الوالدين من الكسل أو الحول أو قصر أو بعد النظر. تتطور حالة الكسل في مرحلة الطفولة، فالأطفال دون سن الثامنة والذين لا تزال الرؤية لديهم تتطور، يكونون معرضين للحد الأعلى من الخطورة، وبشكل عام كلما كان الطفل أصغر في السن زادت الخطورة، والطفل في السنوات المتقدمة (أكبر من تسع سنوات) من الممكن ألا يصل إلى مستوى الرؤية الطبيعية بالعلاج، وتوجد عوامل تزيد من خطر الإصابة بكسل العين منها وجود تاريخ عائلي في أحد هذه الأمراض (الحول، الماء الأبيض الخلقي، أو أي مرض عيني خطير أو أحد العيوب الانكسارية من قصر النظر أو بعد النظر أو الانحراف). كما يجب أن تدرك الأسرة بأنه ليس من السهل التعرف على حالة الكسل، أي أن الطفل المصاب لا يشتكي من ذلك لأن لديه عينا سليمة يمكنه الرؤية بها، بحيث لا يمكن للوالدين معرفة ما إذا كان هناك مشكلة من عدمها إلا إذا كان هناك حول واضح أو تشوهات أخرى واضحة تستدعي مراجعة الطبيب، بحيث يجب على الوالدين أن يكونا شديدا الملاحظة ومن هنا تأتي أهمية الفحص المبكر، فمن الممكن معالجة وتصحيح الكسل إذا تم الكشف عنه مبكراً (أي قبل سن الثامنة). ما هي المشكلات التي يمكن حدوثها عند عدم علاج الكسل؟ إذا تُرك الكسل بدون علاج فإن العديد من المشاكل سوف تنتج عن ذلك ومنها: * نقص شديد و دائم في الرؤية وغير قابل للعلاج في العين المصابة بالكسل. * فقدان إدراك الأبعاد الثلاثية للأجسام. * في حال إصابة العين السليمة بمرض أو جرح يمكن أن يحدث الضعف في العينين طوال الحياة، لذلك يجب لبس نظارات واقية للأشخاص الذين لم تتم معالجتهم لأي سبب من الأسباب وذلك لحماية العين السليمة. تعليمات خاصة: عندما يكون لديك طفل مصاب بكسل العين فعليك باتباع الآتي: * تذكر أن الأطفال الأكبر سناً يحتاجون إلى وضع غطاء العين فترة أطول لتحقيق نتائج أفضل. * من الصعب استعادة البصر إذا تجاوز الطفل سن الثامنة من العمر. * على الأهل أن يفهموا أنه من مسؤوليتهم الالتزام بوقت التغطية المحدد من الطبيب المعالج، أي عدم زيادة أو نقصان وقت التغطية (مثلاً إذا طلب الطبيب التغطية لمدة ثلاث ساعات ينبغي أن تكون ثلاث ساعات لا أكثر و لا أقل). * من المهم البدء بتغطية العين بأقصى سرعة ممكنة، إلا أنه عند التعامل مع الأطفال غير المتعاونين أو متقلبي المزاج ينبغي زيادة وقت التغطية تدريجياً حتى يتم تغطية العين بصفة مستمرة حسب الوقت المحدد من قبل الطبيب المعالج. * إذا كان النظر في العين المصابة بالكسل ضعيفا جداً، فعلى الأهل عدم ترك الطفل وحيداً وأن يراقبوه جيداً خصوصاً عند قيامه باللعب وممارسة هواياته. * عمل جدول لساعات التغطية التي يقوم بها الطفل كل يوم وإعطاؤه جوائز تشجيعية في حال الوصول للهدف المقصود من التغطية. * قم بتلوين غطاء العين أو اجعل الطفل يقوم بذلك والهدف من ذلك جعل الغطاء جذاباً للطفل. * إذا كانت لديك مشكلة في وضع الغطاء أخبر الطبيب بذلك فهناك بعض الوسائل المساعدة. ختاماً: البصر نعمة عظيمة فلا تحرموا أطفالكم منها بإهمالكم الفحص الدائم لهم.