دعوا العربية يا سادة تجرُّ آلامها.. ولا تتمخّض آمالها،!! كفاكم احتفاءات، وحفلات، وتجمُّعات، ومنابرات، فبعد أن تنفض المجالس، والجلساء عودوا إلى الشارع لتروا حقيقة العربية بينكم، ألا تصدمكم لافتات كل المباني، والأسواق، والدعايات، والعروضات، والمحلات، والبضائع بغيرها..!؟ ألا يتلفت كل فرد وهو يعرج للمصّحة فيشخص له طبيبه مرضه بغيرها، ويجلس إلى أستاذه الطالب في الجامعة فيحيله إلى غيرها، ويحدثه بغيرها،.. ويعبر الفرد ليبتاع دواءه وبيده وصفة بغيرها،.. ويذهب للترويح قليلاً مع رفقائه في مقهى، أو مطعم فعليه اختيار وجبته من قائمة دوّنت بغيرها.. يا سادة تغرَّبنا وغرَّبناها في عقر دارها..، واندمجنا فمزّقناها بيد أهلها..، وكما قلتُ سابقاً حتى المعلمات، و المعلمين يكتبونها خطأً..، وينطقونها لحْناً ..، ولا يستسيغونها حباً، ولا يمارسونها ولاءً.. هي كالغول لصغير الدارسين، والهم لكبيرهم إن طُلبت منهم في مدارج التعامل..!! فكيف بعامة أهلها،..؟ فعلامَ كل هذه الضجة عنها علامَ..؟ ألا تعلو العربية إلاّ بوسمٍ افتراضي يمجدها..، ويغرّد لها..؟!، وبرسائل هاتفية تناشد عنها..؟!، وبمنابر تتسابق فوقها الأصوات عنها..؟! وبولائم تنصب للمحتفين بها..؟! وببعض من خطابة مفوَّهة..، وزعامة مجوَّفة من أجل عينيها الكليلتين في جباه أمتها....؟! العربية لن تقوم إلاّ حين لا يساوم عليها بلغة أخرى..، وإن كانت الأخرى لغة التجارة والصناعة، والاقتصاد العالمية،.. ولن تلأم جروحها وغيرها يشترط لقبول أبنائها في جامعاتهم، وفي مؤسسات عملهم ووظائفهم ولا يجتازون رتبة ولا مرتبة وظيفية ولا قيمة اجتماعية إن لم يلكنوا بغيرها، ويتخاطبوا بسواها..، العربية لن تبرأ من أمراضها، في نحْوها، وصرفها، بلاغتها، وبيانها، خطها، وإملائها، إلاّ بتوظيفها على الألسنة، عندما توليها مؤسسة التعليم مقدارها من الأولوية، وتفرضها في التعليم أساساً.. وقاعدة، وإلزاماً، وإقراراً،.. وتنفيذاً، وتمكيناً، ومتابعة، وتقويماً.. والعربية لن تُطبب والشارع بكل ما فيه لا يبرق إلاّ بغيرها، وهي في الظل تقاوم أوجاعها..! وحين تبلغ في المحلية مكانها، وتكون الوسيلة للآخر بلا منازع لها، ستأخذ دورها للعالمية فعلاً لا مجرّد أحبار على ورق، فتتقدم الألسنة في كل تمثيل علمي، وتجاري، وسياسي، وإعلامي، وفكري،.. ونحوه.. وذلك حين تفرض بقوّتها لغة للعلم، والتعلُّم، والتبادل، والتجارة، والتمثيل، والحضور، والتدريس والبحث، والتقويم، والقبول في الجامعة، والوظيفة، وتكون الناطقة المعبرة عن الإبرة داخل البيت، والمخيط فوق الجسد، لغة المسافر، والنازل، والمبحر، فوق الدرع في المضمار، والشارة في الميدان، والدعاية على رؤوس المباني والجدار..، في مجلس الحوار، ومكتب الوظيفة، في المكتبة، والعيادة، في البيع، والشراء، في المطعم، والدواء..، في التراسل، والمخاطبات، وحتى في الأدوات، والألعاب..، وفي التعبير لهواً، وجداً.. ذلك، بعد أن زاحمها الغريب، وأضعفها على لسانه القريب..!! ولكم أيها المحتفون بها في عقر دارها أن تعيدوا النظر فيما حولكم، لتجدوها غريبة، مألومة، مكظومة تحمل على جفوة أهلها..، وتبرأ من تناقضهم.!! وحتى يتحقق لها العلاج، فإنها أكبر من هذه المجاملات..!!