هل يرد على ذهن أحد أن منتدى اقتصاديا يُعقد في لندن، ستكون لغته الأولى هي العربية؟ وهل يجرؤ مسؤول إنجليزي على التحدّث باللغة العربية في ذلك المؤتمر المتخيّل، ويتجاهل المكان والثقافة، فيخاطب جمهوره بغير لغة بلاده وأمته! خطر على ذهني هذا السؤال وأنا أرى مسؤولين سعوديين يتسابقون للحديث باللغة الإنجليزية في منتدى جدة الاقتصادي، الذي انطلقت أعماله الأحد 14/2/2010، وهو في موطن الفصحى، ومهبط الوحي.. ثم نتساءل بعد ذلك عن أسباب الاستلاب الثقافي الذي نعانيه، ونشكو غربة اللسان، وضعف الانتماء، ونفور شبابنا وأجيالنا من لغتنا مكنز الثقافة ومستودع الهوية! لقد تجاوز الأمر من منافسة اللغة الأجنبية للغتنا العربية في عقر دارها، ومزاحمتها في كل مكان؛ إلى أن اتخذها أبناء الوطن سلاحا لاغتيال العربية ذاتها، وتسابقوا في وأد هويتهم في المحافل التي تستضيفها بلاد الفصحى ومنبع العربية، بعد أن تخلوا عنها في المؤتمرات الخارجية.. مسكينة هي العربية، وكم هو صادق شاعرها الكبير حين يقول على لسان لغتنا: وسعت كتاب الله لفظاً وغاية وما ضقت عن آي به وعظات فكيف أضيق اليوم عن وصف آلة وتنسيق أسماء لمخترعات أنا البحر في أحشائه الدر كامن فهل سألوا الغواص عن صدفاتي فيا ويحكم أبلى وتبلى محاسني ومنكم وإن عز الدواء أساتي أرى لرجال الغرب عزاً ومنعة وكم عز أقوام بعز لغات أتوا أهلهم بالمعجزات تفنناً فيا ليتكم تأتون بالكلمات سقى الله في بطن الجزيرة أعظماً يعز عليها أن تلين قناتي أيهجرني قومي عفا الله عنهم إلى لغة لم تتصل برواةِ سرت لوثة الإفرنج فيها كما سرى لعاب الأفاعي في مسيل فراتِ