درسنا، وتعلمنا في المدرسة، والجامعة أن «الخلية هي وحدة بناء الكائن الحي» جاء ذلك في العلوم، أو علم الأحياء.. وبالقياس على ذلك، فإن الفرد هو نواة المجتمع، والمُشكِّل الرئيس له. وفي الرياضة، فإن المشجع في رأيي هو وحدة البناء للمجتمع الرياضي، والأندية الرياضية، فهو مصدر القوة للنادي، والأساس، والعلاقة تكون تفاعلية بين المشجع والنادي، والمساس بهذه الوحدة، أو تهميشها، وتجاهلها هي أولى خطوات الفشل. سأروي لكم قصة قصيرة في هذا السياق تؤكد، بل وتعزز قيمة المشجع ومكانته لدى الإداري أو المسؤول الذي يتطلع للنجاح، ففي الفترة الثانية لرئاسة الأمير عبد الله بن سعد - رحمه الله -، وقبيل وفاته، نزل مشجع لأرضية ملعب الاتفاق عقب إحدى مباريات الهلال، وكانت المباراة قد لعبت على ملعب نادي الاتفاق لظروف إنشائية وهندسية تتعلق بملعبيّ الدمام والراكة آنذاك، وبعد جهد جهيد أمسك به رجال الأمن، والتفوا حوله، وأوسعوه ضرباً.. وكنت أحد شهود عيان.. فجأة اخترق الدائرة رجل واحتضن المشجع في محاولة شجاعة لإبعاد رجال الأمن عنه، فناله من الضرب جانب، حتى فطن أولئك إلى أن عصيهم تحوّلت صوب جسد الأمير عبد الله بن سعد - رحمه الله -، فتوقفوا عن ممارستهم الخاطئة، وقد كنت شاهد عيان على الحادثة. الأمير عبد الله لم يتوقف عند هذا الحد، بل توجه بالمشجع إلى حجرة الملابس الهلالية وطلب من طبيب الفريق التأكد من سلامته قبل أن يطمئن عليه شخصياً، ويسمح له بالمغادرة، ثم أخذ دوره عند كرسي الطبيب. المشجع أخطأ، ورجال الأمن عالجوا الخطأ بمثله، ولكن الرئيس الهلالي الذي كان يقول، ويردد دوماً: «الهلال ليس للإدارة، ولا لأعضاء الشرف.. الهلال ملك لجماهيره» لم يتفرج على مشجع فريقه وهو يتعرض للإهانة والضرب .. بل بادر لحفظ كرامته وسلامته لأنه يؤمن إيماناً تاماً بقيمة المشجع. عبد الله بن سعد - رحمه الله -، وهو الذي بدأ فترة رئاسته الأولى للهلال، كواحد من أصغر رؤساء الأندية السعودية قاطبة، وحقق بطولة الدوري 4 مرات كمنجز لم يسبقه في تحقيقه أحد من الرؤساء على امتداد البطولات التسع التي أحرزها، لم يكن إقصائياً في تعامله مع منتقديه سواء إعلاميين أو جماهير، يرحب ويستمع للجميع لأنه يميز الهلالي النقي من المطبّل، ويفرِّق بين الإعلامي النزيه بحرصه واهتمامه وبين الإعلامي ال»بوق» أو المطبِّل. يروي إعلامي معروف بميوله الهلالية هذه القصة: «جلسنا في ليلة شتاء حول الأمير خالد بن محمد، ضحكنا، وتسامرنا في المخيم، خرجنا من عنده ومعي مجموعة إعلاميين ونحن نحفظ له الود والاحترام والتقدير.. ومع ساعات الصباح الأولى يطالع انتقاداً مني له في طريقة إدارته وتعامله مع حدث معين.. لم يغضب، ولم نداهن أو نطبل.. هو يعرفنا جيداً، ونحن نعرف حبه وإخلاصه للهلال».. انتهى كلامه. وفي ذات السياق أكتب: «كان فيما مضى يجلس إلى جوار رؤساء الهلال أو مؤسسه - رحمه الله - فطاحلة الإعلام الرياضي المحلي، وأعني الهلاليين منهم، يستمعون إليهم.. يستشيرونهم.. يتناقشون.. في دقائق الأمور الهلالية قبل كبائرها.. لا مكان للأبواق، أو المطبّلين.. أو المستنفعين والمرتزقة.. ولا حتى الدخلاء على الهلال.. لذلك كانت أمور الزعيم على خير ما يرام». بل إن النوعية الإدارية التي تعمل كانت ذات نوعية وجودة مشهود لها.. ومعروفة عند كل فئات الجمهور الهلالي. خلاصة القول: إن أي رئيس يبتعد عن جمهور الهلال.. وإعلام الهلال المخلص.. المحب لناديه لن يجني إلا التعب والخسارة.. وأي رئيس يرتمي في أحضان الإعلام المضاد لناديه لن يلقى إلا الهوان. فواصل ) سيظل الهلال نادي الشعب كما قال الكاتب الكبير تركي الناصر السديري مهما حاول البعض اختطافه من جماهيره. ) إن أكبر خدعة في تاريخ الهلال المعاصر هي تلك المقولة التي مفادها أن ريجي هو ثاني أفضل مدرب في تاريخ الهلال. ) أحد المحسوبين على إعلامنا الرياضي غرّد كاتباً: «المرداسي حكم مباراة الاتحاد والهلال».. مبروك للهلال التأهل.. رجاء من الاتحاديين ليس من حقكم انتقاد التحكيم بعد أن رضيتم بالراعي الرسمي للهلال! ) أي تعصب مقيت هذا.. أي تشكيك وتخوين في أمانة الحكم ونزاهته.. أي إساءة لرياضة الوطن تحملها مثل هذه التغريدة؟؟!» أخيراً: بكل هدوء وعقلانية دافع الرئيس الذهبي للشباب الأمير خالد بن سعد عن حقوق ناديه، وبأسلوب إعلامي متمدن من خلال مؤتمر صحفي دعا إليه كافة وسائل الإعلام.. لم يغرّد في تويتر بحثاً عن «فلورز» أو يهمّش مركزه الإعلامي أو الإعلاميين. هكذا يفعل دوماً الرئيس الواثق في نفسه، وفيمن حوله، وفي قدرته على المواجهة.