في يوم اللغة العربية العالمي الموافق 18 ديسمبر من كل عام، وفي كل يوم تزدهي اللغة العربية اختيالاً وفخراً بحلل من روائع الكلم، ودرر من رونق البيان، بفصاحة وبلاغة ترهف الآذان من حسن بديعها وعمق معانيها ووضوح بيانها، وجمال مطرز بأكاليل ميزتها عن غيرها من اللغات. إن اللغة العربية هي اللغة الأم لأكثر من 206 ملايين شخص حول العالم، ولذلك صُنفت في المرتبة السادسة في ترتيب اللغات الأكثر استخداماً، مما يعني أنها لغة حية قادرة على النهوض بالأمة العربية متى استشعر أبناؤها قيمة هويتهم العربية واعتزازهم بلغة القرآن الكريم. ويشهد واقع تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها تزايداً مستمراً في أعداد الراغبين في تعلمها لما تحظى به اللغة العربية من أهمية تطال أبعاداً سياسية واقتصادية ودينية واجتماعية وثقافية؛ الأمر الذي يحتّم على المتخصصين والمسؤولين التربويين تكثيف الجهود في سبيل إنتاج برامج تعليمية مميزة بجودتها، والتأهيل اللغوي والتربوي لأعضاء هيئة التدريس المتخصصين في تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها. وعلى الصعيد المحلي تُعد المملكة العربية السعودية من أوائل الدول التي دعمت نشر اللغة العربية حول العالم، حيث خصصت جهات معنية بتعليم اللغة العربية لأبنائها، وللناطقين بغيرها في الجامعات السعودية، وتبنت السعودية نظام المنح الدراسية لكل طالب علم يرغب في تعلم اللغة العربية في بيئتها وإكمال دراسته الجامعية، وتم إنشاء الجمعية العلمية السعودية للغة العربية، ولعل أبرز الإنجازات السعودية التي كان لها أصداء حول العالم هو موافقة المقام السامي عام 1431ه على إنشاء مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز الدولي لخدمة اللغة العربية.. ولطالما كان المركز ذا عطاءات مغدقة في سبيل خدمة اللغة العربية برعاية كريمة يحظى بها المركز من الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله. واليوم نحتفي نحن أبناء اللغة العربية بلغتنا الأم حفاظاً عليها، واعتزازاً وفخراً بها، ورغبة ملحة تجتاح النفس للبلوغ بها إلى أسمى طموحاتنا اللا محدودة. ومن طموحاتي التي أخالها ستلقى أصداء واسعة من كل عربي غيور على لغته أن يتبنى مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز مشروعاً عالمياً يستهدف إعداد وثيقة معايير جودة برامج تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، وما يندرج تحتها من معايير فرعية تتعلق بالمحتوى العلمي، ومعايير التقويم؛ حيث يعاني مجال تعليم العربية للناطقين بغيرها من تشتت الجهود البحثية العربية في مدى مراعاة البرامج المقدمة لمحكات معيارية واضحة ومحددة تساعد على توحيد رؤية العرب ورسالتهم تجاه نشر لغتهم وإحيائها بين لغات العالم، ومنافستها الحضارية دولياً.. فعلى سبيل المثال، لا يوجد معايير موحدة لتصميم الاختبارات اللغوية الخاصة بتحديد المستوى اللغوي، أو اختبارات الكفاية اللغوية وما ينبغي أن تغطيه هذه الاختبارات من مهارات.. كذلك لم يحدد المقياس الذي يحكم مدى إتقان الطالب للمهارات اللغوية.. ولا تهمّش الكاتبة الدور الكبير للمؤسسات التعليمية المعنية بتعليم العربية للناطقين بغيرها، فلهم جهود عظيمة طالت أصداؤها مختلف بلدان العالم، ولكن تلك الجهود لو وحدت على الصعيد العربي بخاصة والدولي عامة لكانت أكثر قوة لأنها ستستنير بمشورة الخبراء وستكون تحت مظلة الاتحاد، وكل اتحاد يمنح القوة والعزة والرفعة. إن أعظم رسالة تعليمية هي أن نعلم اللغة العربية لكل العالم، لننشر لغتنا وثقافتنا ونرسّخ هويتنا بلغة أكرمها الله جل جلاله بشرف نزول القرآن الكريم بلسان عربي مبين.