تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن ماجد أمير منطقة المدينةالمنورة، يبدأ مساء اليوم الاثنين في الجامعة الإسلامية المؤتمر الدولي الأول: اللغة العربية ومواكبة العصر، الذي يشارك فيه أكثر من ستين باحثاً وباحثة من داخل المملكة وخارجها. وأثنى معالي مدير الجامعة الأستاذ الدكتور محمد بن علي العقلا رئيس اللجنة الإشرافية العليا واللجنة العلمية للمؤتمر على رعاية صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن ماجد لهذا المؤتمر مشيراً إلى أنها تعدّ امتداداً لاهتمام سموّه بالجامعة ودعمه لها في أداء رسالتها. وقال الدكتور العقلا إن المؤتمر يهدف إلى تأصيل الهوية اللغوية العربية وترسيخها ويناقش حال العربية وما يعترض سبيلها من تحديات مختلفة كزحف العامية وتعدد اللهجات وغزو اللغات الأخرى، كما يحاول أن يتلمّس السبل التي تنهض باللغة العربية وتجعلها مواكبة لمتطلبات العصر الحاضر، وذلك بالانفتاح على معطياته والإفادة من الدراسات اللغوية المعاصرة، فيما يُثري اللغة ويقرّبها للمتلقّي دون التنازل عن ثوابت الهوية اللغوية الأصيلة. ويستمرّ المؤتمر لمدة ثلاثة أيّام، ويطرح حوالي 66 بحثاً تصبُّ في محاور المؤتمر الخمسة، التي تتمثل في: دور أقسام اللغة العربية في الجامعات في النهوض بالعربية وآدابها، واللهجات والتأصيل اللغوي، واللغة العربية ووسائل التقنية والاتصال الحديثة، ودور الآثار الأدبية المعاصرة، وهموم اللغة العربية في عصر العولمة. وتبدأ أعمال المؤتمر بمحاضرة عامة مساء الاثنين للشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان عضو الجمعية مجلس هيئة حقوق الإنسان بعنوان "الثقافة بين الأصالة والتجديد". وقد دُعي للمؤتمر نخبة من المسؤولين والعلماء والأدباء والمثقفين والمهتمّين باللغة العربية وعلومها. وتُعقد فعاليات المؤتمر للرجال بقاعة الملك سعود، وتُنقل للنساء عبر الدائرة التلفزيونية المغلقة بقاعة دار الحديث المدنية بطريق المطار. لغة رفيعة تلك التي خصنا الله بها دون سائر الأمم لغة الضاد، لغة الدرر، لغة يَعْرُب، لغة إسماعيل، لغة قريش، وفوق هذا وذاك لغة القرآن الكريم، فيكفيها شرفاً أن الله تعالى قد اصطفاها من بين سائر اللغات واللهجات لينزل بها هذا الأثر الخالد القرآن الكريم (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون)، ومن ذلك الحفظ الإلهي كان حفظ اللغة العربية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وبحمد الله وتوفيقه، فإن المملكة العربية السعودية تضطلع بدور ريادي في خدمة اللغة العربية وقضاياها وفي مجال نشر الثقافة العربية من خلال مؤسسات التعليم العام والعالي ومراكز البحوث ومعارض الكتاب والمؤتمرات واللقاءات العلمية وورش العمل، ومن خلال جوائز علمية عديدة وعلى رأسها جائزة خادم الحرمين الشرفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمية للترجمة وجائزة الملك فيصل العالمية في فرع الأدب، وغيرها من الجوائز. فاللغات الإنسانية -أيًّا كانت- هي بلا شك أفضل وسائل التواصل الإنساني والتلاقح الفكري والتشبع الثقافي والتأثير الحضاري ولغتنا العربية في جوهرها ومفرداتها ونحوها وصرفها وبلاغتها وأساليبها لغة مكتملة، وكان الأحرى بها أن تكون لها الريادة العالمية وبخاصة في مجال العلوم والترجمة والثقافة وفي المحافل السياسية والاقتصادية الدولية، فهي بذلك لغة قادرة على استيعاب كل العلوم التي يفرزها العقل البشري في كل المجالات، وقد شهدت هي على نفسها بهذه القدرات إذ قالت: أنا البحر في أحشائه الدر كامنٌ فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتي فعلينا نحن العرب أن نشمّر عن سواعد الجدّ، ونستنهض الهمم، ونشحذ الفكر، من أجل عودة لغتنا إلى رونقها وسطوتها، والوقوف أمام التيارات الغربية التي ترى في أن العربية غير قادرة على استيعاب مفردات هذا التوسع المعرفي في الغرب فهؤلاء ينبغي الرد عليهم بقولها: وسعت كتاب الله لفظاً وغاية وما ضقت عن آيٍ به وعظات فكيف أضيق اليوم عن وصف آلة وتنسيق أسماء لمخترعات فالطريقة المثلى لإعادة اللغة العربية إلى مكانتها الطبيعية بين اللغات وتأكيد قدرتها على المعاصرة، هي العمل على اقتحام غمار المعاصرة وليس التهيب، ولن يتحقق ذلك إلا من خلال محاور محددة على رأسها الترجمة وتوحيد المصطلح المقابل لنظيره في اللغات الأجنبية وبخاصة الإنجليزية بمعنى أن يكون لكل مفهوم علمي أجنبي مفهوم علمي عربي وحيد على مستوى العالم العربي، ويمكن لاتحاد مجامع اللغة العربية أن يلعب دوراً حيويًّا في هذا التنسيق اللغوي المصطلحي وبخاصة بعد الطفرة التقنية التواصلية التي ستسهم في إنفاذ هذ الخطوة بكل دقة، وذلك تدعيماً لجهود الاتحاد الملموسة في موضوع توحيد المصطلحات العلمية. ومن الأمور المهمة لتأصيل اللغة العربية ووضع أسس راكزة لانتشالها من المعوقات التي وقفت في طريقها دون عالميتها أو على الأقل موازنتها للإنجليزية والفرنسية وكونها لغة غنية وثرية يستحق العالم أن يستفيد من ذخائرها، فمن المهم جدًّا أن تعمل الدول العربية جميعها على توطين العلم بمعنى أن نعمل على نقل العلوم الحديثة إلى لغتنا العربية من خلال حث علمائنا على الوقوف على العلوم الاجنبية ومن ثم استيعابها وصياغتها ونقلها بكل كفاءة ودقة إلى العربية ومثل هذا العمل لا يقلل من أصالة لغتنا لأن الأصالة تقتضي الارتكاز على لغتنا في النهل من العلوم والابتكارات الأجنبية ونقلها إلى المجتمعات العربية. ومن العوامل المؤثرة في نجاح هذا التوطيد تهيئة أعضاء هيئة التدريس في الجامعات لمعرفة لغتهم الأم العربية تحدثاً وكتابة ونحوًا وصرفاً إلى جانب غرس مفهوم الاعتداد بالعربية لأنها الوعاء اللغوي لديننا الإسلامي، مع مراعاة الأصول العلمية والتربوية والنفسية في عملية توطين العلوم وربطها بالأسس الإسلامية القويمة وغرس الأخلاق الرفيعة في النشء والشباب من خلال هذا التوطين وبخاصة في النصوص الأدبية والنحوية والبلاغية. ولا يختلف اثنان في أن الترجمة من وإلى العربية هي المحكّ الأساسي لنجاح تجربة توطين العلوم وتوحيد المصطلح العربي المقابل للمصطلح الأجنبي، ويمكن الاستفادة القصوى من جائزة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمية للترجمة في استقطاب الكفاءات سواء من المملكة العربية السعودية أو من سائر الدول العربية والإسلامية لترجمة أحدث ما توصّل إليه العلم الحديث في كل المجالات وترجمة المجلات العلمية المتخصصة المعاصرة التي تصدر في الدول المتقدمة، وفي المقابل إصدار مجلات عربية عالمية تجبر الأوساط العلمية العالمية على اتخاذها معيارًا للتميز والتفوق البحثي العلمي. وخلاصة القول إن: أولى خطوات معاصرة اللغة العربية لكل المستجدات العلمية والتطورات الحضارية هي أن يرتقي أهلها وبنوها إلى مستوى يؤهلهم إلى إعادة مكانتها العالمية فلا خلاف في ثراء العربية وقدرتها على احتواء كل المجالات العلمية النظرية والتطبيقية وقدرتها على التعبير العلمي الدقيق وإيمان أبنائها بذلك. والخطوة الثانية هي معرفة واستيعاب وتجويد اللغات العالمية الحيّة وعلى رأسها الإنجليزية دون المساس بثوابت العربية وهويتها. والخطوة الثالثة هي العمل على تشجيع الترجمة الدقيقة للعلوم وفق مصطلحات عربية يتم التوافق عليها مسبقاً على مستوى الوطن العربي وسائر المؤسسات العالمية الأجنبية التي تهتم باللغة العربية تدريساً وبحثاً. إلى جانب التركيز على المعلم في كل المراحل الدراسية وتنمية حصيلته العلمية والتربوية والثقافية. ونحمد للجامعة الإسلامية هذا التوجه الحضاري من أجل بعث العربية وتفعيل دور الجامعة في خدمة لغتنا العربية ووضعها في الإطار الصحيح كي تتبوأ مكانتها المعهودة بين اللغات العالمية. والشكر أجزله لصاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن ماجد بن عبد العزيز أمير منطقة المدينةالمنورة على رعايته الكريمة للمؤتمر التي تعكس مدى حرص ولاة الأمر (حفظهم الله) على خدمة اللغة العربية. متمنياً للجامعة الإسلامية مديرًا وأساتذة ومنسوبين وطلاباً المزيد من التقدم وللمؤتمر تحقيق أهدافه السامية. وقال معالي مدير جامعة الملك سعود الدكتور عبدالله بن عبدالرحمن العثمان: تنظر حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز – يحفظه الله – إلى اللغة العربية بوصفها شكلاً من أشكال الهوية الوطنية للبلاد، وصورة من صور تمسكها بمبادئها وأصولها، ولذلك كانت هي اللغة الرسمية للتعليم ولكل شؤون البلاد كافة، واستمرت كذلك مع هذا الانفتاح العالمي الرحب دون أن تزاحمها أي لغة أخرى، أو تؤثر عليها بالذوبان فيها، بل إن المشاهَد هو أن تعزيز اللغة العربية في مناحي الحياة كافة يزداد قوة، وذلك إدراكاً من حكومة البلاد – يرعاها الله – أن ظروف العصر تتطلب مضاعفة العناية بمسألة الهوية، وتوثيق الصلة مع لغتنا العربية وحمايتها من الانجراف في سيل العولمة. وفي سياق حديث معالي الدكتور العثمان عن هذا الشأن وقف عند معلومات مثيرة عن حال اللغة العربية على المستوى الدولي قائلاً: إن اللغة العربية تحتل المركز (3) بين لغات العالم من حيث عدد الدول التي تقرّها لغة رسمية، بعدد (25) دولة. كما تحتل اللغة العربية المركز (6) من حيث عدد المتكلمين بها البالغ (470) مليوناً، وتمثل واحدة من اللغات الست في أكبر محفل دولي وهو منظمة الأممالمتحدة. وفي المجال الرقمي تحتل المركز (7) بين أكثر عشر لغات استخداماً على الإنترنت. وعن الانتشار العالمي للغة العربية قال معالي الدكتور العثمان: تشهد اللغة العربية تمدداً جغرافياً واسعاً يزداد عاماً بعد عام في دول آسيا وأفريقيا وأمريكا وأوروبا وغيرها، ويزداد عدد المقبلين على تعلمها زيادة لافتة تؤكد تحولها إلى لغة جاذبة، وربما تكفي الإشارة في هذا الشأن إلى أن عدد متعلميها في أمريكا وحدها زاد في عام 2010م بنسبة (126%) عن عام 2009م، في حين لم تتجاوز نسبة الزيادة في دارسي الإسبانية (10%) والفرنسية (2%) فقط، وهذا يثبت أن اللغة العربية لم تعد لغة محلية حبيسة داخل الدول المتحدثة بها، بل صارت لغة عالمية تلقى اهتماماً دولياً وإقبالاً واسعاً على دراستها وتعلمها. وتابع معالي الدكتور العثمان حديثه قائلاً: إن هذا الواقع المشرق للغة العربية يلقي على المهتمين بها مسؤولية المحافظة عليها والسعي إلى تعزيزها. وفي بلادنا المملكة العربية السعودية تجتهد حكومتها -يحفظها الله- على حفظ اللغة العربية ببناء المناهج الدراسية الجيدة، وافتتاح أقسام لها في عامة الجامعات السعودية، وتأسيس معاهد لتعليمها لغير الناطقين بها، بل وافتتاح مدارس ومراكز تعليمية في الخارج تساهم في نشرها. ويأتي هذا المؤتمر الذي تنظمه الجامعة الإسلامية في المدينةالمنورة خطوة مباركة في هذا الاتجاه، ولاسيما أن جانباً منه يناقش العلاقة بين اللغة العربية والتقنية ويعرض سبل استثمار التقنية الحديثة لخدمتها. وفي ختام تصريح معالي الدكتور عبدالله العثمان رفع أسمى آيات الشكر والامتنان لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز – يحفظهم الله – لما يقدمانه من دعم ومساندة لجامعات المملكة، كما دعا الله أن يكتب النجاح لهذا المؤتمر ويوفق كل القائمين عليه والمشاركين فيه. وقال الدكتور بكري معتوق عساس مدير جامعة أم القرى: لقد حرصت المملكة العربية السعودية منذ تأسيسها على يد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود -يرحمه الله- وستبقى بإذن الله تعالى تسير على النهج الذي انطلقت منه رسالتها كدولة شرفها الله تبارك وتعالى بخدمة الحرمين الشريفين والحفاظ على قيم عقيدتنا الإسلامية ونشر القواعد والأسس التي قام عليها هذا الدين الحنيف قولاً وعملاً، وفي مقدّمها العناية بكتاب الله الكريم واللغة الخالدة التي نزل بها على نبي هذه الأمة محمد بن عبد الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم. فالاهتمام الذي أولته وتوليه هذه الدولة حكومة وشعباً بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله- للإسلام وخدمة المسلمين ونصرة قضاياهم لا يمكن حصرها في كلمات تتعداها إلى المولى عز وجل لرفعة هذا الدين ونشر تعاليمه للعالم كافة. ومؤتمر "اللغة العربية ومواكبة العصر" الذي تحرص الجامعة الإسلامية بالمدينةالمنورة، وهي إحدى المؤسسات العلمية والتعليمية الشامخة في هذه البلاد المباركة، على تنظيمه إنما ينطلق من هذا النهج وهذا التوجه الذي تسير عليه بلادنا بكافة مؤسساتها وأفرادها، من أجل خدمة لغة القرآن الكريم (اللغة العربية)، ومواكبتها لمستجدات العصر الذي نعيشه في ظل الهجمة الشرسة التي اجتاحت العالم بأسره، والنقلة النوعية في عصر التقنيات الحديثة التي نشهدها اليوم، وذلك حرص من القيّمين على علوم اللغة العربية للحفاظ على ركائزها وتوظيفها التوظيف الأمثل، للحفاظ على مكانتها كإحدى اللغات الأساسية التي يتحدث بها العالم لا سيما وأن أكثر من مليار ونصف مليار مسلم في العالم اليوم ينطقون بلغة القرآن الكريم، وهذا الأمر قد لا يتوفر في أي من الأديان السماوية الأخرى. وفي الختام أسأل الله تبارك وتعالى أن تكلل كافة جهود القائمين على هذا المؤتمر وكافة المهتمين باللغة العربية بالنجاح والتوفيق والسداد. وتابع الأستاذ دكتور سعيد بن عمر آل عمر مدير جامعة الحدود الشمالية مما لا شك فيه أن حفاظنا على لغتنا العربية الفصحى، هو في واقع الأمر حفاظ على هويتنا وثقافتنا العربية والإسلامية، فهي لغة القرآن والسُّنة، ولغة البيان والحكمة، وهي وعاء ثقافتنا وحاضنة لملامح هويتنا الثقافية والفكرية، كما أنها في واقع الأمر من أكثر اللغات انتشارًا في العالم. فلقد كانت اللغة العربية لغة للعلم والأدب، ولغة للسياسة لقرون طويلة في جميع البلاد التي فتحها وحكمها المسلمون، ولقد أثّرت على كثير من اللغات الأخرى في العالم، فقد كانت اللغة العربية قويةً بقوة المسلمين، مؤثرةً بقدر تأثيرهم في غيرهم. ولا يخفى على إنسان عصرنا أن اللغة العربية تخوض اليوم حرباً للبقاء أمام العديد من صور التحدي التي فرضتها عوامل العولمة، والثورة المعلوماتية والانفجار المعرفي، والتقدم الهائل في تقنيات المعلومات والاتصالات، وما تبعها من تغير طال كل مناحي الحياة أدى إلى تقارب المسافات، وتلاشي الحدود بين الدول والقارات، فأصبحنا نسمع، ليس فقط عن مفهوم "القرية الكونية"، بل أصبحنا نسمع عن "الغرفة الكونية". ومما لا شك فيه أن عولمة اللغة هي أهم مظاهر العولمة الثقافية والحضارية، ومن الطبيعي أن الأمة الغالبة هي الأمة التي تستطيع أن تفرض حضارتها، وأن اللغة الأقوى هي اللغة الآمرة الناهية، ذات الثقافة العامرة بالمخترعات والإبداعات الكبيرة والتي تسهم بشكل فعال في الحضارة الإنسانية. إن المحافظة على لغتنا العربية الفصحى، في زمنٍ التقت فيه الثقافات، وكثرت فيه المؤثرات، مسؤولية مشتركة، وضرورة يشعر بها الجميع. نحن جميعاً، مفكرون أكاديميون، ومثقفون، وأدباء، ورجال دين، ورجال إعلام، مسؤولون عن حماية اللغة العربية، و النهوض بها، وتحديثها، والاعتزاز بها، وعدم تهميشها. ولعل مؤسسات التعليم العالي في بلادنا الغالية في مقدمة من يتصدى لتيار العولمة الجارف، وذلك من خلال أقسام اللغة العربية في جامعاتنا، إذ عليها مسؤولية كبيرة في حراسة لغتنا العربية الفصحى، عن طريق بناء المناهج والاستراتيجيات التي تبرز خصوصية التراث الفكري والروحي لأمتنا العربية، مع التشجيع على استحداث ألفاظ جديدة، تواكب تطورات العصر وحركة العلوم، حتى لا يحتاج المستخدم إلى لغة غير العربية، وعدم الاتكاء على المصادر والكتب القديمة المنقولة عن الأجداد، في تعليم وتعلم اللغة العربية، حيث أن تلك المصادر بلغتها القديمة، لم تعد قادرة على مواكبة متطلبات العصر الحديث، بانفجاره المعرفي، وفيضانه الغزير من العلوم والتخصصات الجديدة والدقيقة. وعلى جامعاتنا أيضاً مسؤولية توفير فرص الدراسة الجادة أمام أبنائنا الطلاب وحثهم على البحث العلمي وعلى التخصص في ميادين المعرفة التكنولوجية والإنسانية، وتشجيعهم على الإنتاج والإبداع والابتكار، لكي نكون منتجين للمعرفة والتكنولوجيا، لا مستهلكين لها فقط. فما أحوجنا لمثل هذه المؤتمرات التي تهدف إلى خدمة ثقافتنا العربية والإسلامية، وتسعى إلى تأصيل الهوية اللغوية العربية وترسيخها، وتناقش التحديات المختلفة التي تواجهها، وتبحث في سبل النهوض بها. وقد أحسنت الجامعة الإسلامية في تبني مثل هذا الموضوع مؤتمراً لها، مساهمة في خدمة لغة القرآن والسنة، ولا عجب في ذلك من جامعة، كان ولا يزال، من أهم أهدافها خدمة الدين الإسلامي في شتى أنحاء المعمورة، ويأتي ذلك في إطار ما تقوم به المملكة العربية السعودية في خدمة قضايا الأمة العربية والإسلامية، فضلاً عن تشجيعها المستمر للموسوعات والمشروعات البحثية العلمية التي تهدف إلى نشر الثقافة الإسلامية في شتى بقاع الأرض. وختاماً نسأل الله التوفيق للزملاء القائمين على هذا المؤتمر النوعي بالجامعة الإسلامية بالمدينةالمنورة، والله من وراء القصد،،، أكدت مديرة جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن معالي الدكتورة هدى بنت محمد العميل أهمية مؤتمر اللغة العربية الذي تنظمه الجامعة الإسلامية بالمدينةالمنورة في الفترة من 17- 19 جمادى الأولى ، ونوهت معاليها بأهمية العناية باللغة العربية باعتبارها لغة القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة واصفةً مبادرة الجامعة الإسلامية لعقد المؤتمر بالمهمة والحيوية. وأضافت إن أهمية المؤتمر تبرز من خلال أهدافه التي تركز على تأصيل الهوية اللغوية العربية وترسيخها، ومناقشة التحديات التي تواجهها، مثل تفشي العاميات وغزو اللغات الأخرى، وتناقش آليات النهوض بهذه اللغة العريقة لتكون قادرة على الاستجابة لمتطلبات هذا العصر الزاخر بالتطورات العلمية والتقنية المتلاحقة. وأشارت معاليها إلى أن عقد المؤتمر يأتي ضمن حرص القيادة في المملكة على الحفاظ على هوية الأمة وتراثها اللغوي والثقافي، وتعزيزا لمكانة المملكة العلمية بين الأمم المتقدمة ونوهت معالي المديرة بالنهضة العلمية التي تشهدها المملكة التي تضاعفت في عهد خادم الحرمين الشريفين، مضيفة أن من أبرز مظاهر هذه النهضة الاهتمام بالبحث العلمي وعقد المؤتمرات والندوات في مختلف الحقول العلمية، مضيفة أن حكومة خادم الحرمين تولى اهتماما خاصا بالعلماء وقضايا العلم وتطوير البحث العلمي.