خير ماورّثَ الآباء ذرية صالحة تتصف بالاستقامة، والطاعة لهم في حياتهم، وإكرام صديقهم، وإنفاذ وصاياهم على الدوام بعد رحيلهم إلى الدار الباقية، والترحم عليهم، والبر بهم، {وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}، وبالبذل السخي لأجل مضاعفة الأجر،كالإحسان إلى الضّعفاء والأيتام والأرامل، وغير ذلك من أوجه البر والوفاء، كتشجيع الناشئة وغيرهم على التفوق والتنافس المحمود في المجالات المفيدة التي يعود نفعها وأجرها له ولوالديه، وذلك برصد الأموال الكافية والجوائز القيمة،كجائزة حريملاء للتفوق التي تبنتها اللجنة الأهلية في محافظة حريملاء ففي يوم السبت الموافق 7-2-1436ه لبست محافظة حريملاء حلتها القشيبة ابتهاجاً برعاية صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور منصور بن متعب بن عبد العزيز وزير الشؤون البلدية والقروية، وكان في استقباله مرحباً به سعادة محافظ حريملاء الأستاذ صنهات بن محمد الغييثي وجمع من المواطنين ورؤساء الدوائر الحكومية، ورؤساء وأعضاء اللجان المحلية والبلدية، وحال وصوله قام بجولة استطلاعية في أنحاء المحافظة شملت بعض المشاريع الحكومية والأهلية متعددة الجوانب والمواقع التي يعود نفعها على المواطن عامة وعلى الأسر خاصة، ثم اتجه موكبه صوب السّد الذي يعتبر من أكبر السدود في منطقة الرياض، الواقع في ملتقى الأودية والشعاب، وقد امتلأ وفاضت مصارفه نحو ريِّ المزارع والنخيل..، وذلك من نعم الله وفضله، فشعيب حريملاء المعروف برحابته وسعته وبغاباته الكثيفة من أشجار الطلح، ومراعيه وفلواته الجميلة، وبه الروضة المشهورة خصبة التربة منابت (النفل) طيب الرائحة الذي يعبق أريجه في مواسم الربيع: ياروضة ً طالما أجنَت لواحِظَنا ورداً جلاه الصّبَا غضاً ونسرينا ثم الاتجاه إلى المخيم المعد لسموّه للاستمتاع بشمس الأصيل بين تلك الأشجار دائمة الخضرة عليلة النسيم تُسمع أطيارُها مغردة فرحاً: تخال طائرها نشوانا من طرب والغصن من هزِّهِ عطفيه نشوانا وقد جرى في تلك الجلسة الممتعة أحاديث ودية وذكر ما حظيت به محافظة حريملاء من مشاريع حكومية مع طلب المزيد مما تحتاج المحافظة إليه من مشاريع ومخططات سكنية امتداداً لمخطط القرينة الجديد حتى بلد صلبوخ، فهي أرض واسعة منبسطة المساحات تُقرب ساكنيها إلى العاصمة الرياض، وقد ألمح لذلك الشيخ راشد بن ناصر بن عبد العزيز الناصر رئيس المجلس البلدي في كلمته التي ألقاها أمام سموه بجلسة الشعيب شكره فيها على تشريفه المحافظة، ورعايته حفل الجائزة، وقُبيل دُنوِّ الشمس للمغيب توجه سموه الكريم لأداء صلاة المغرب في مزارع معالي الشيخ الكريم صالح بن عبد الله البراهيم، وبعد ذلك سار إلى مقر حفل جائزة حريملاء وقد استهل الحفل بترتيل آيات كريمة تلاها الطالب النجيب عبد الله بن عبدالرحمن الجماز ثم كلمة أهالي المحافظة ألقاها أ.د. سعد بن عبد العزيز الراشد (عضو اللجنة الأهلية) تحدث فيها عن تطور البلد ووصفها بأنها بلد علم وأدب منذ عقود طويلة من الزمن، وأومأ فيها إلى آثار المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب ودعوته الصادقة لإخلاص العبادة لله وتخليصها من شوائب البدع والشرك، كما ذكر محاسن رائد الحركة العلمية الشيخ محمد بن ناصر المبارك الذي تخرج على يديه في مسجده مسجد (قراشة) بحريملاء عشرات العلماء والقضاة، وكان المسجد بمنزلة الجامعة آنذاك (رحم الله الشيخين الجليلين وأجزل لهما الأجر والمثوبة. بعد ذلك كلمة المكرمين ألقاها الدكتور أحمد بن عبدالرحمن المشعل - فائز في مرحلة الدكتوراة - حيا فيها راعي الحفل وشكر القائمين على الجائزة، ثم نهض سمو الأمير منصور راعي الحفل فتفضل بإلقاء كلمة ضافية وافية أثنى فيها على أصحاب الجائزة، وفي أثناء الكلمة سمع أذان العشاء فتوقف هُنيهة وقفة خشوع حتى انتهاء صوت المؤذن، فاستمر في كلمته المؤثرة منوهاً بتعاون أهالي المحافظة وتآلفهم، وتسابقهم بالبذل في الأعمال الخيرية، وتطوير بلادهم، ثم جاء دور توزيع الجوائز والدروع من يمين راعي الحفل على الفائزين، وختم بتقديم درع لراعي الحفل من رئيس الجائزة الأستاذ علي بن أحمد الشدي، ثم التوجه لتناول طعام العشاء المعد لتلك المناسبة المباركة، ولا يسعنا إزاء حضوره لرعاية جائزة حريملاء، وتشريفه منزلنا بعد العَشَاء هو ومعالي الدكتور الشيخ عبدالله بن محمد المطلق المستشار بالديوان الملكي وتبادل بعض الطرائف والأحاديث الودية معهما..، وستظل تلك اللحظات معهما ذكرىجميلة خالدة في طوايا النفس مدى الأيام، مرددا هذا البيت لكليهما: فلا بَرحتَ مدى الأيامِ في دعةٍ يَمُدّك المُسْعدَان السّعد والعُمر