كلما اقتربت دورة الخليج تذكرناه.. وكلما حان كأس العالم اشتقنا لزمانه.. وكلما صافح فريقه الذهب عدنا لأيامه.. وكلما تألق محور قلنا ليته يكرر ذكراه.. وكلما شاهدنا قائداً بالملعب قلنا هو ذاك خليفته لا سواه.. بطولة الخليج بأقدامه لأول مرة صافحت الوطن.. وكأس العالم بشجاعته وإقدامه وأهدافه افتتن.. وحتى بطولات شباب التسعينات معه حكايات لا تنسى عبر الزمن. كانت بطولة الخليج عصية لربع قرن تتمنع.. فجعلها بأهدافه تطلب ود الأخضر وتخضع.. في الإمارات عام 1996 م فك طلاسم دورة الخليج.. فكان صاحب البصمة على كل انتصار حتى نال الأخضر البطولة في منظر بهيج. وكانت بطولة كأس العالم حلماً والوصول إليها مشكلة.. فقاد الكتيبة بكل همة وعزم من الدوحة ليبدد كل معضلة.. وهناك في كأس العالم ببلاد العم سام قص شريط الأهداف بطريقة مذهلة.. وختم على التميز في لقاء المغرب بهدف ليضع المنتخب قدمه في الدور الثاني بإنجاز كان أشبه بالمعجزة. حياته الرياضية درس لكل الناشئين.. لم يستكن يوماً للظروف أو يلين.. كتب مع ناديه مجداً سيبقى خالداً على مر السنين.. وأمضى مع الأخضر رواية فخمة .. وعندما وجد أنّ الظروف غير مواتية لتقديم المزيد حزم حقائبه لبلاد التنين.. ليرسم لوحة جميلة عن اللاعب المحترف ويضع بصمته هناك في الصين.. وبعدما غالبه للوطن الحنين.. عاد ليكتب مع العالمي آخر فصول المجد في البرازيل .. فهل هناك أفخم من هكذا سيرة يكتبها المؤرخون؟! مختلف لا يشبهه أحد.. ومتفق عليه من الجميع لم يختلف يوماً عليه أحد.. في الملعب كان أشبه بقائد لجند.. وبعد اعتزاله بمدرسة التميز والفئات السنية حماساً يتقد.. يقترب من النادي كلما ظنناه ابتعد.. وحتى عندما يحتاجه ناديه في الإعلام تجده أمام كل من يهاجم ناديه أشبه بالسد.. لكنه لم يدنو يوماً بلفظ فلم نره يوماً يسيء لأحد.. أسطورة ليس بالورق.. بل بما قدمه من تفوّق وألق.. هو باختصار فؤاد أنور.. وإن شئتم فؤاد الأخضر. ولأننا نقترب من الخميس.. حيث تبدأ بطولة الخليج.. لم أجد سوى هذا النفيس.. ليختلط بحبر مدادي ليكون أشبه بالأريج.. فهذا اللاعب مثال لكل من يحفر بالصخر مهما كانت الظروف.. لينتزع من الجميع وبمختلف انتماءاتهم بما قدمه تصفيق الكفوف.. وكم أتمنى أن أشاهد في هذه الدورة من يدانيه موهبةً ويماثله إخلاصاً ويشبهه جلداً.. ليس فقط من أبناء وطني.. بل حتى من أبناء الخليج فكلها أوطاني.. بعدما شحّت المواهب وأصبحنا كروياً على المستوى الدولي نعاني .. فهل نرى فؤاد آخر.. يكتب في الرياض بكتاب المجد أول سطر.. وتكون دورة الخليج هي العتبة الأولى التي يصعد بها إلى سلّم المجد؟ .. ننتظر. كرِّموني قبل أن أموت! عبارة قرأتها قبل نحو عام من أحد اللاعبين المعتزلين.. ولازال صداها يتردد بأذني كل حين.. فكم من لاعب لم يجد من تقدير إلا بعدما غادر عالمنا.. وكم من مبدع بذل وبذل الكثير فلم يجد أدنى إشارة ليغمر بعد وفاته بأنواع الإشادة. ولذا فإني أتمنى من القائمين على دورة الخليج وضع قائمة بأسماء هؤلاء المبدعين في كل بطولة تقام .. يتم من خلالها تكريم تلك الصفوة من النجوم.. وتقديم ولو أقل القليل من الامتنان لهم على ما قدموه لأوطانهم.. فبعض اللفتات حتى لو كانت بسيطة إلا أنها مؤثرة ومعبّرة.. أتمنى أن يجد هذا المقترح طريقه للجنة المنظمة ومن ثم يكون تقليداً وعرفاً في كل بطولة. من هنا وهناك - 44 عاماً .. ليست بعمر الزمن قصيرة.. استمرار بطولة الخليج لكل هذا العمر يؤكد مقدار التماسك والتلاحم بين المشاركين فيها.. الله لا يغير علينا. - أكثر ما أزعج أبناء الخليج هو تحويل البطولة في النسخ الأخيرة لما يشبه السلعة.. بل والمبالغة في أسعارها.. وبظني بطولة كهذه حلاوتها حرية اختيار المشاهدة .. فهي للخليج ومن الخليج. - إقامة بطولة آسيا في أستراليا بعد دورة الخليج بنحو شهر ونصف، يجعل هذه البطولة مهماً جداً لمعرفة نقاط القوة والضعف لدى منتخبات الخليج.. خصوصاً إذا ما علمنا أن جميع الدول متأهلة لآسيا عدا اليمن. - المناكفات الإعلامية خصوصاً من بعض المسئولين كانت ولازالت هي ملح البطولة.. أتمنى من المتابعين عدم الانجراف في التأويل أو تحميل تلك التصريحات أكثر مما تحتمل. خاتمة تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسراً وإذا افترقن تكسرت آحاداً