يقولُ الشاعرُ العربيُّ القديم «إذا كنتَ في حاجةٍ مُرسِلاً.. فأرسلْ حكيماً ولا تُوصِه» هذا البيتُ من نفائسِ الشِّعرِ الذي يصفُ بإيجازٍ بديعٍ معاييرَ اختيارِ من تُرسلُه لإنجازِ ما يُهمُك.. وبِهذا البيتِ أصفُ اختيارَ الدولِ لمُمَثلِيهَا وسُفرَائِها.. المملكةُ العربيةُ السعوديةُ ومنذ تأسِيسها سارت ولا زالت تسيرُ على المبادئ الإنسانية التي تدعو إلى التعامُلِ مع الآخرِ بالحُسنى.. ومع رعاياها بحفظِ حقوقِهم والقيامِ بواجباتهم. لقد كنَّا ومازِلنا نطالب بإبراز دورِ المملكةِ الريادي في مُختلفِ المَجالاتِ وهذا لابد أن يكون في مُقدمةِ مهامِ سفراءِ المملكةِ في شتَّى أنحاءِ العَالم. ما دعاني إلى هذا القول هو الدور الذي يقوم به الأميرُ محمدُ بنُ نوافٍ بنُ عبدالعزيز في واحدة من أهم وأبرز عواصم العالم.. حيث جعلَ من سفارةِ المملكةِ العربيةِ السعوديةِ في بريطانيا واحةً يستظلُ بظلها أبناؤنا وكثير من أفراد الجالياتِ العربيةِ والإسلاميةِ واستطاعَ بشخصه وبصفتِه أن يؤكدَ الصُّورةِ الحقيقية للمملكةِ في كثير من الميادين. ومن معرفتي بالأميرِ محمدٍ أجزمَ بتميُزِه بصفاتٍ ترفع قامته بين سفراء العالم، فقد اجتمعت البساطة والحكمة والخبرة والنبل والذكاء الاجتماعي لتزيل الحواجز بينه وبين الآخرين، ومن شهد تقاطر آلاف الأشخاص من كبار القوم و المسئولين وعامة الناس ومن كل الجنسيات على سفارة المملكة لتقديم التهنئة بمناسبة اليوم الوطني عاماً بعد آخر فهم وتبين له ما قصدته.. وهناك السنة الحسنة التي سار عليها الأمير بإقامة شعائرِ الأعيادِ والجُمَعِ داخلَ السفارةِ والتي يتبعُها حفلَ غداءٍ يجمعُ الكبيرَ والصغيرَ والطالبَ والمسئول وأصحاب الأعمالِ والغنيَّ والفقير.. يرحبُ بهم الأميرُ ويتبادلُ معهم الحديثَ في جوٍ أخويٍ وديٍ يمثلُ نبلَ الأمراءِ وغيرة المسئول وحكمةَ الأفذاذ. يمضي الأميرُ وقتاً طويلاً وهو يستمعُ لطلابِ وطالباتِ المملكة.. هذا لديه مشكلةٌ مع الجامعة.. وآخر لديه مشكلةٌ في التأشيرة.. يقلقُ الأميرُ على سلامةِ مواطني المملكة فتجدُه يتابعُ بشكلٍ شخصيٍ ومباشرٍ لأي حدثٍ يمسُ المواطنين، ولا يترددُ في مراجعةِ الدوائرِ الرسميةِ وغيرِ الرسميةِ لاحتواءِ أيِّ مُشكلةٍ وحلها. وموقفه من الحادث الأليم الذي أودى بحياة المواطنه ناهد المانع معروف ومقدر منا جميعاً.. يحتفي الأمير السفير ويشجعُ كلَّ عملٍ يُبرزُ بلادَنا الغاليةَ في المحافلِ الدَّولية، فهو يحضرُ المبارياتِ والمُناسباتِ الرياضيةِ والثقافيةِ والتجاريةِ التي تشاركُ فيها المملكة، ويكرِّمُ كلَّ مبرِّزٍ سعوديٍ في أي مجالٍ ثقافيٍ أكاديميٍ أو بحثيٍ أو رياضيٍ وخلافه. باب مفتوحٌ وقلب مفتوح.. وللأميرِ في مجالِ أعمالِ الخيرِ والبرِ أيادٍ بيضاءَ أكتفي في الحديث عنها بدعاءِ الله سبحانه وتعالى أن يجزيَهُ عنها خيرَ الجزَاء. غيَّبَ الموتُ ابنَه منصور.. فجئتُه مُعزيَاً.. وأنا الذي ذقتُ ألمَ فِراق الابنِ قبلَه.. فقلتُ له إنني حينَ فقدتُ ابني سلطان في حادثِ سيارةٍ غلبَني الحزنُ حتى مرَّ بيَ رجلٌ فاضلٌ كنتُ أسمعُ به ولم أرَه من قبل.. فصحوتُ من ألمي على قولِه: إن لديَّ لك بشرى يا أبا بدر فقد بشَّر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من قبضَ اللهَ ابنه فقالَ اللهمَّ أجرني في مصيبتي واخلفني خيراً منها بأن يجدُ ابنَه عندَ بابِ الجنةِ يفتحُ له أبوابَها.. فإذا السرورُ يشعُ من وجهِ الأميرِ ويغمرُه الرضى. إن الدورَ المُهمَّ والحيويَّ الذي يضطلعُ به سُفراءَ المملكةِ في الخارجِ بتعزيزِ مكانةَ المملكةِ واستعراضِ الرؤى والأفكارِ الدبلوماسيةِ الجديدةِ وكيفيةِ التعاملِ مع المتغيراتِ السياسيةِ والاقتصاديةِ الإقليميةِ والدوليةِ يستدعي وجودَ رجالٍ من أمثالِ السفيرِ محمد بن نواف. على المستوى الشخصي تفوق الأميرُ في جميع ما سبق، أما على المستوى السياسيِّ والدبلوماسِيِّ فقد تميز أيما تميز، فهو منافحٌ ومدافعٌ عن المملكةِ وحقوقِها وسياساتِها على كافةِ المُستوياتِ، ويبرزُ ذلكَ أكثر ما يكون على مُستوى الصحافةِ العالميةِ، وما ينشر له يؤكد عالميتَه وحنكتِه وخبرتِه وتأهيلِه العالي. وكلُّ كلمةٍ منه في المحافلِ العالميةِ تُحملُ على مأخذِها وأبعادِها الحقيقية. إن وجودَ الأميرِ بشخصهِ وبصفتِه سفيراً للمملكةِ لدى المملكةِ المُتحدة أدَّى إلى تطورٍ إيجابيٍ في مُستوى العلاقاتِ بين الدولتين لا يخفى أثرُه على الجميع. لا أنسَى حين شرَّفني الزملاءُ أصحابُ الأعمالِ باختياري رئيساً لمجلسِ الأعمالِ السعوديِّ البريطاني أني وجدتُ اهتمامَ الأميرِ منصبَّاً على عدة محاورَ طلب مني إعطاءها الأولوية ومنها: -حمايةُ المواطنين والمستثمرينَ السعوديين من نظامِ الضرائبِ البريطاني الجديدِ وإيجادِ السُّبل للحدِّ من تأثرهم السلبيِّ به. - نظراً لوجود أكثر من 18000 طالب وطالبة سعوديون يدرسونَ في بريطانيا رغبَ سمُوهُ أن يحصلَ كلٌ منهُم على فترةٍ لا تقلُ عن ستةٍ أشهرٍ يتوظفُون خلالها في الشركاتِ البريطانيةِ بحيثُ يعودونَ وهم مؤهلون علمياً وعملياً. - التخفيفُ على المستثمرينَ السعوديينَ والبريطانيينَ في قضايا المحاكمِ وذلكَ بإنشاءِ مجلسِ تحكيمٍ مشتركٍ تكونُ قراراتُه نافذة. - تشجيعُ وتسهيلُ تصديرِ المنتجات السعوديةِ إلى السوقِ البريطانيةِ، ويلاحظُ أن سموَّهُ نجحَ في رفعِ كمياتِ التمرِ السُّعودي المصدر للسوق البريطانية خلال عام 1413ه إلى مستويات قياسية, هذا خلاف المنتجات الأخرى. إنني إذ أحرر هذا المقال عن السفير محمد بن نواف أهدف إلى شكره وتقديره على الأعمال الجليلة التي يقوم بها. ولكي أقدم نموذجاً متميزاً لسفراء المملكة في دول العالم.. قليلٌ من لا يعرف سفير المملكةِ في بريطانيا، وفي المقابلِ كثيرٌ هم السفراءُ الذينَ لا يعرفهم ولا يسمعُ بهم إلا القليلُ من السعوديين وغير السعوديين.