ما زلت أشارككم بعض ما جاءني من تساؤلات من الإعلام وخارج الإعلام عن دور المرأة السعودية في أول تجربة لها في عضوية مجلس الشورى. مشاركة العضوات في فعاليات مجلس الشورى، وحضورهن في النشاطات الخارجية بفاعلية, وتحقيق منجزات واضحة أمر متحقق، وفي طريقه لتحقق أوضح، يقنع الجميع داخل وخارج المجلس. من المؤسف أن منجزات المجلس ليست واضحة للمجتمع العام، والعلاقة ليست وطيدة مع الإعلام، وهو حلقة الوصل بين الطرفين. آمل أن العلاقة بين الأطراف الثلاثة ستتحسن، وأن الإعلام سيقوم بدوره في إيصال الحقائق بصورة حيادية، لا ترسخ التصورات والأحكام التعميمية والسلبية المسبقة بأن المجلس لا يحقق شيئاً للمجتمع. عضوية المرأة في مجلس الشورى جاءت بقرار حاسم من خادم الحرمين الشريفين، وكان قراراً صائباً وحكيماً؛ إذ أثبت منجزها حتى الآن أن ثقته كانت في الموقع الصحيح. وهي النتيجة التي أتوقعها من كل قرار يتعلق بتمكين المرأة بشرط أن يتم اختيار الرائدات المؤهلات، ليس فقط بشهادات دراسات عليا أكاديمية، بل أيضاً - بالإضافة إلى ذلك - التدقيق في التزامها بتحقيق الهدف من وجودها في أي موقع. فوجود من تدخل في أي موقع وهي محمَّلة بأهداف خاصة، قد تتضارب مع هدف المؤسسة، يعيق تحقيق الأهداف الأعلى. وهذا التناقض والتضارب في المنطلقات الفكرية التي تحدد أداء الموظف مقارنة بتوجه المؤسسة موجود، بغض النظر عن كونه رجلاً أو امرأة. دُعيت إلى اجتماعات البرلمان الأوروبي في بروكسلمرات عدة، وقبلت الدعوة مرتين فقط. في الأولى كنت عضواً في الوفد الشوري.. والثانية كانت بمناسبة اجتماع برلمانيات العالم. ومنها أعلنت لأول مرة تعيين المرأة في مجلس الشورى السعودي بعضوية كاملة، وكان ذلك حدثاً استقطب الكثير من الاهتمام بين الحضور، وإعلامياً على مستوى العالم، وأيضاً الترحيب والدعاء بالتوفيق. كانت ردود الفعل إيجابية، ورحبوا بقرار خادم الحرمين الشريفين، ورأوه خطوة إيجابية في تمكين المرأة.. كذلك اهتمت وسائل الإعلام بالخبر، ورأوه تطوراً إيجابياً في سياسات المملكة داخلياً وخارجياً. طبعاً لولا اهتمام خادم الحرمين ودعمه شخصياً لتمكين المرأة لما رأينا المرأة تتبوأ أي موقع استراتيجي مهم في هرم صناعة القرار في أجواء التردد الاجتماعي وضغوط التيار المتشدد. نحن حظيظون فعلاً بكون قيادتنا أكثر تقدمية وتوجهاً مستقبلياً من عامة المجتمع, وأنها تتمتع بدعم النخب الثقافية, التي تؤازر قرارات القيادة للإصلاح والتطوير وترشيد تعاملات المجتمع، وتوجيه علاقاته الاقتصادية والثقافية داخلياً وخارجياً لتحقيق التوازن والتنمية المستدامة على المدى الطويل. مشاركة المرأة السعودية في اللقاءات الدولية مهمة لتوضيح الواقع والمأمول: أن مجتمعنا فاعل بشقيه الرجال والنساء، وأن خصوصية المجتمع لا تعني حظر مشاركة المرأة بصورة فعالة وحيوية. ويبقى أنه إن كانت هناك طموحات لم تتحقق بعد فالمستقبل واعد، وحري أن يسعدنا بتحققها عاجلاً أم آجلاً. ثم ليس هناك مجتمع بشري حقق كل طموحاته بعد. الأمل أن نردم الفجوة في ما حققه الإنجاز؛ لنواكب الآخرين المتقدمين بالسرعة المطلوبة في عصر التقنية والمعلوماتية, الذي - كما نعلم جميعاً - لا يحتاج إلى عضلات بقدر ما يحتاج إلى عقول ومهارات تقنية، تواكب مستجدات العلم واحتياجات الحاضر.