أصبح اكتتاب البنك الأهلي قضية كبرى، وتم الحشد لذلك على كل المستويات، ويعلم المتابع الذي يسمح لعقله بالعمل، حتى ولو بنصف طاقته، أن المسألة تم تسييسها من قبل أقطاب الإسلام السياسي السعوديين، والذين استغلوا العامة، كعادتهم، في حربهم مع الدولة، ومحاولاتهم المستميتة لتعطيل مسار التنمية، وليس عمل المرأة، وبرنامج الابتعاث عنا ببعيد، والمؤلم في الأمر هو محاولاتهم لتسييس فتاوى علمائنا الأجلاء، وممارسة الضغوط عليهم، ونعلم أنهم دائما لا يسألون علماءنا المعتبرين لغرض الفائدة، بل لتوجيه الجواب في الوجهة التي يرغبون بها، وأظن أنهم قد اعتقدوا بأن خطتهم لإفساد اكتتاب البنك قد آتت أكلها، ولكن هيهات!. من المعروف أن الناس تؤجل المساهمة في الاكتتابات إلى آخر لحظة، ولذا بدا خلال الأسبوع الأول من اكتتاب البنك الأهلي، أن خطة المتأسلمين في صد الإقبال الشعبي على الاكتتاب قد نجحت، فتغنوا بذلك، لأن هذا سيمنحهم قوة شعبية، يستطيعون استخدامها لما هو أكبر من ذلك!!، أي في لي ذراع السلطة عن طريق الحشد، متى ما أرادوا، بزعمهم، ولكن الإقبال على الاكتتاب في الأيام الأخيرة، وتغطيته عدة مرات، قد أصابهم في مقتل، وقد كان لافتا أن معظم أقطاب الإسلام السياسي قد عملوا بجهد مضاعف، وكانت كتاباتهم، وتغريداتهم أبعد ما تكون عن التسامح، الذي يتغنون به!!، ولم لا، فالمسألة، بالنسبة لهم، أعمق بكثير من مسألة اكتتاب في بنك، فهي محاولة بائسة لفتل العضلات، وتجييش العامة، وإرسال رسالة واضحة وصريحة لإعلان قوتهم على المستوى الشعبي، ولكن كل هذا ذهب أدراج الرياح خلال يومين!!. تندر المغردون السعوديون في وسائل التواصل على تغريدة لتاجر عقار، اشتهر بالوعظ، فقد كتب أن عدم إقبال الناس على اكتتاب البنك الأهلي يدل على تدين الشعب السعودي!! وقبل أن يجف حبر تغريدته، أعلن البنك، وكل وسائل الإعلام الكبرى، أنها قد تمت تغطية اكتتاب البنك بأكثر من الضعفين!، ونعلم يقينا أن هذا الأخ المغرد استخدم « التورية « في تغريدته الملغومة، فهو كان يريد القول بأن خطة الحزبيين قد نجحت في توجيه الرأي العام، وغني عن القول أن تغريدته لم تكن موجهة للعوام، والبسطاء، بل كانت موجهة للسلطة، بلا شك، فالخطورة ليست في الحزبي « المكشوف»، بل في « المتلون «، وما أكثر هؤلاء في مجتمعنا، فهم مع الريح أينما سارت. وختاما، سأراهن من هذا المنبر الحر، والراقي على أن كل أقطاب الإسلام السياسي، الذين شنعوا على اكتتاب البنك الأهلي، هم من أوائل المكتتبين فيه، أوليسوا هم من دفع بأبناء الآخرين إلى مواطن القتال والحروب، بينما هم ينعمون بالدمقس وبالحرير، ويدرس فلذات أكبادهم في أرقى جامعات العالم، فالله المستعان، واللهم اكفنا شر أصدقائنا، أما أعداؤنا فنحن كفيلون بهم!.