المدينة - السعودية عجَّت المنتديات والواتساب هذا الأسبوع بنقاشات عن اكتتاب البنك الأهلي وأن الإقبال على الاكتتاب هو معيار للوطنية وأن امتناع البعض عن الاكتتاب هو انتصار للصحوة على حساب الوطن . أجد أن لي بعض الملاحظات آمل أن يتسع صدر القارئ لسماعها ولا أزعم أنها الحق لكن أعتقد انها تستحق بعضاً من التأمل : 1-من الناحية العلمية فانه إحصائياً لا أعتقد أن حجم الاكتتاب معيار جيد لتلك المقارنة فكل البنوك الأجنبية تم تأسيس شركات الاستحواذ عليها في عز الصحوة، ومع هذا وجدت من يكتب في أسهمها بل ويغطى الاكتتاب أضعافاً مضاعفة . 2- من الناحية الاقتصادية ، أين العوامل الأخرى التي تؤثر في الإقبال على الاكتتاب ؟ أحدها مثلاً هو مقدار السيولة المتاحة في عام الاكتتاب مقارنة بغيرها !! هذا عامل هام من عدة عوامل مؤثرة جداً كسعر الفائدة السائد في السوق وقيمة علاوة الإصدار و أرقام ميزانية البنك نفسه وملاءته الاقتصادية وتصنيفه الائتماني . 3- وكما أني لا أحبذ أبداً خلط الدين بالسياسة فإني أشَدُّ تحبيذاً لعدم خلط الدين بالاقتصاد بالسياسة معاً ، فتلك معادلة ثلاثية العوامل ودوماً ما تكون المعادلات في العلوم الإنسانية التي تحمل أكثر من عاملين شديدة الخطورة في التنبؤ بنتائجها . 4- كيف أقنع البعض منا أنفسهم وصوروا كأنما الصحوة الدينية هي مقابل مضاد للوطنية !!! أي قول هذا ؟ هما أمران مختلفان ليس بالضرورة أن يتضادا وليس بالضرورة أيضاً أن يتحدا. فقد يكون أزهد الناس أحبهم للوطن وقد يكون سكيراً عربيداً أشد منه حباً للوطن ، أمران مختلفان أيها السادة . 5- و كما أني لا أحبذ استخدام الدين لأهداف سياسية فلا أحبذ أبداً استخدام الاقتصاد لغير الأسباب الاقتصادية ،فالاقتصاد إنما خُلق لخدمة المجتمع لا لخداع المجتمع . 6- ليت أحد الاقتصاديين يشرح لنا هيكل ملكية البنك وتاريخ إعادات توزيعة الملاك منذ بدء إنشائه ونوعيات المقابل لتلك التحولات في الملكية. 7- ونقطة هامة أخيرة لا أدري كيف فاتت على المتحاورين رغم نشرها في ذلك العام في الصحف وقد كتبت عنها مقالين تشرفت بأن نشرتهما لي (المدينة) حينها وهي أصلاً لم تكن سراً وهو أنه في عام دخول صندوق الاستثمارات العامة نُشر في الصحف أن أرباح أول عام تم بها إطفاء ديون معدومة قيمتها ستة آلاف مليون ريال ( نعم الرقم صحيح ستة آلاف مليون ريال )، فليتنا نعلم اليوم ،رغم التأخر الطويل ، من كان المدينون الذين بلغت مديونيتهم كل ذلك ثم قيل لهم عفا الله عما سلف . أليس من حقنا كمشاركين في ملكية صندوق الاستثمارات العامة أن نعلم من الذين ديّناهم ثم سامحناهم ؟ ثم أليس من حق من ندعوهم اليوم للمساهمة في ملكية البنك أن يعلموا آلية إطفاء الديون المعدومة في البنك الذي سيساهمون في ملكيته ، ويعلموا بشفافية ما هو معيار الشخصية التي يمكن ان يتنازل عن ديونها ؟ أهم الأرامل أو الأيتام أو الغارمون أو ابن السبيل أو هم مُلاك السبيل ؟ 8- أليست كل هذه الأسئلة أولى بمعرفة إجابتها قبل أن نعرف نتيجة مخلوط الصحوة بالوطنية بالاقتصاد؟ أصلاً، مَن في هذا الوطن لا يحب الوطن ؟! البينة على من ادعى !!! [email protected]