تدرس الحكومة الكويتية بدائل لنقل النفط بعيداً عن مضيق هرمز، في ظل تزايد التوتر الأمني والسياسي في المنطقة التي لم تشهد استقراراً لفترة طويلة من الزمن منذ عقود. وقال الناطق الرسمي لمؤسسة البترول الكويتية الشيخ طلال خالد الأحمد الصباح في بيان إن مجلس إدارة المؤسسة الذي اجتمع أمس برئاسة وزير النفط علي العمير بحث العديد من المواضيع الاستراتيجية، من أهمها بدائل نقل النفط الخام الكويتي إلى الأسواق العالمية. ورغم أن البيان لم يعطِ مزيداً من التفاصيل لكنه يعدّ أول اعتراف رسمي حكومي على هذا المستوى بسعي الكويت للبحث عن بدائل لنقل النفط؛ ما يعكس القلق المتزايد من إمكانية تصاعد التوتر الأمني في المنطقة بشكل يحول دون تصديرها للنفط الذي يعدّ شريان الحياة لهذه الدولة الصغيرة. ورغم الاعتماد شبه الكامل للكويت (عضو منظمة أوبك) على تصدير، النفط الذي يساهم بأكثر من 90 في المئة في تمويل الموازنة العامة، إلا أنه لا تتوافر لها منافذ أخرى للتصدير بعيداً عن موانيها المطلة على الخليج بسبب الموقع الجغرافي. وعانت الدول الخليجية المصدرة للنفط خلال الحرب العراقيةالإيرانية التي امتدت نحو ثماني سنوات من التهديدات الأمنية في الخليج، التي شكلت تحدياً حقيقياً أمام حركة ناقلات النفط. وخلال السنوات القليلة الماضية ردد مسؤولون إيرانيون أكثر من مرة أن إيران ستغلق المضيق، الذي تمر عبره 40 في المئة من صادرات النفط العالمية المحمولة بحراً، إذا تعرضت لهجوم عسكري بسبب برنامجها النووي المثير للجدل. وأشاع الاتفاق المبدئي الذي وقعته إيران مع الدول الست لتسوية الخلاف حول البرنامج النووي الإيراني بعد مجيء الرئيس روحاني أجواء من الارتياح لدى المعنيين بأسواق النفط في المنطقة، ولاسيما مع سعي جميع الأطراف للتوصل إلى اتفاق دائم ينهي النزاع حول هذا الملف المعقد نظير رفع العقوبات عن إيران. لكن ما لبث أن هدأ الملف الإيراني حتى اشتعلت حروب أخرى في المنطقة، أشاعت أجواء من القلق المكتوم لدى كبار المسؤولين الكويتيين الذين لا يشيرون سوى تلميحاً إلى هذه التوترات، ومن أهمها الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق، وسيطرة الحوثيين الشيعة على صنعاء في سبتمبر/ أيلول، واتجاههم نحو مضيق باب المندب الاستراتيجي. وقال الخبير النفطي موسى معرفي إن البحث عن بدائل لنقل النفط هو أمرٌ مهم، ليس للكويت فحسب وإنما لكل دول مجلس التعاون الخليجي التي تعتمد اقتصادياتها على النفط. مشيراً إلى وجود اتفاق خليجي سابق لتمديد أنابيب عبر هذه الدول، لكن لم يتم المضي فيها قدماً حتى اللحظة لأسباب غير معلومة. وأضاف معرفي بأن إيجاد بدائل لنقل النفط هو أمر استراتيجي؛ على الدول أن تمضي فيه قدماً بغض النظر عن الأحداث السياسية أو الحروب؛ لأن إغلاق مضيق هرمز ممكن أن يحدث بسبب «حادث عرضي» مثل غرق سفينة مثلاً، دون أن يرتبط بحدث سياسي أو حرب كبيرة. وكانت صحيفة القبس الكويتية قد قالت العام الماضي إن الكويت جمدت خططاً كانت تهدف لإنشاء خط أنابيب لتصدير النفط في حالات الطوارئ بعيداً عن مضيق هرمز بسبب صعوبات تتعلق بالكلفة المالية وعدم الاتفاق مع دول الجوار. ونسبت الصحيفة في حينها لمصادر نفطية، وصفتها برفيعة المستوى، القول إنه «لطالما كانت مؤسسة البترول الكويتية تسعى إلى تنفيذ هذا المشروع لإيجاد معابر ومنافذ بديلة لتصدير النفط، وقامت بعمل العديد من الدراسات بهذا الخصوص، إلا أنها ارتأت تجميدها في الوقت الراهن لصعوبة تطبيقها على أرض الواقع؛ وذلك لوجود العديد من الصعوبات والعوائق». ويعتبر المراقبون أن الكلفة العالية وطول المسافات لهذه الخطوط التي لا بد أن تمر عبر السعودية أو العراق، فضلاً عن عدم الحاجة الملحة لها في أوقات السلم، من أهم عوائق تنفيذ هذه المشاريع، إضافة لاختلاف أنواع النفوط مع دول الجوار، وعدم الوصول إلى أي اتفاق بين الكويت والدول الخليجية المجاورة. وكان مسؤولون ووسائل إعلام قد تحدثوا قبل نحو عامين عن اقتراح بأنيتم تخزين نفط الكويت في الخارج بكميات تكفي عملاء الكويت ثلاثة أيام لمواجهة أية احتمالات تتعلق بقيام إيران بإغلاق مضيق هرمز. لكن لم يتم إعلان اتخاذ أية خطوات منذ ذلك الحين لتنفيذ مثل هذا الاقتراح. ومن غير المعلوم ما إذا كانت الكويت تقوم بالفعل بتخزين نفط لها في الخارج أم لا. وقال معرفي إن تخزين النفط في الخارج هو «قرار استراتيجي على الدولة تنفيذه حتى لو كانت كلفته عالية؛ لأن الهدف منه هو ضمان وصول النفط للعملاء وتمكين الدولة من الوفاء بتعاقداتها الخارجية مع الزبائن بأي ثمن».