الأستاذ خالد بن حمد المالك سلمه الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد أثار الأخ العزيز جاسر الجاسر تحت عنوان «إيران عدو أم صديق» تساؤلات عدة، وأورد شواهد لبعض ما تقترفه أيدي الآثمين في طول البلاد الإسلامية وعرضها، بتمويل وتشجيع من حكومة الملالي في طهران، وختم مقالته بسؤال كبير يتردد الكثيرون في الإجابة عنه قائلاً: فهل إيران بنظامها الحاكم الآن عدو أم صديق؟ الإجابة تكاد تكون واضحة في ثنايا وبين سطور مقالته تلك، لكنه آثر أن يطرح التساؤل بهذا الشكل كنوع من الاستفتاء والتحفيز على الادلاء والمشاركة بالآراء لمعرفة مدى استشعار الخطر الفارسي. لا يخفى على كل ذي لب وعقل أن ما تقوم به إيران منذ ثورة الخميني حتى يومنا هذا يصب في مصلحة التمدد والهيمنة الفارسية المجوسية على حساب العرب خاصة والمسلمين عامة، ولا علاقة للدين الإسلامي لا من قريب ولا من بعيد بهكذا أفعال. الدين هو شعار تتخفى خلفه العمائم بلؤم وخبث لتنشر مبادئ الكراهية والتعصب والعنصرية والمذهبية، ولتروج لباطلها الذي تأمل من خلال ما تحدثه من فوضى وإخلال بالأمن في المجتمعات المستهدفة، تحقيق أطماعها التوسعية وبناء إمبراطوريتها «الحلم» من جديد، وأنّى لها ذلك!؟ الإسلام بريء من هذه الأفعال المقيتة وآل البيت -رضوان الله عليهم أجمعين- براء من مخازيهم وأفعالهم التي يستحي منها صغار السن قبل أصحاب الفطر السليمة من الكبار والعقلاء! إرهاب في الأفعال وفي الأقوال!! هل يحتاج الأمر إلى كثير جهد وعناء لسبر الأحداث قديمها وحديثها ليتأكد المرء من أن أفعال الشر تلك لا يمكن أن تصدر إلا من عدو شرس لا يريد بالأمة خيراً!؟ وهل أضحى الناس بهذه السذاجة حتى تنطلي عليهم أحابيل كذبهم الرخيص، وخداع وتزييف ومبالغات وتضليل إعلامهم المأجور الذي تنفق عليه بلايين «التومانات» كما تنفق على مشاريع تصدير خزعبلاتهم باسم الدين؟ إن الذي يُحتاج إليه فعلاً وضرورة حتمية هو كشف هذا الزيف وهذا التلفيق بحق هذا الدين الإسلامي العظيم، دين توحيد رب العالمين، ودعم القنوات التي تنشره رحمة للعالمين. ولنعلم أن هذه على قلتها - أعني القنوات- لم تسلم من تسلطهم وتشويشهم عليها وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ (26) سورة فصلت. هذا في الوقت الذي تتنامى فيه قنواتهم بعقائدها الفاسدة، وأساطيرها المختلقة والمخجلة! ووصل الأمر بهم - حينما سقطت الأقنعة- إمعاناً في الكراهية إلى استهداف المملكة العربية السعودية، مأرز الإيمان والتوحيد. لأنها تمثل حاضنة الحرمين الشريفين، ومهبط الوحي، ومنطلق الرسالة المحمدية، وهي محط أنظار العالم أمناً واستقراراً. إن الذي يُحتاج إليه أخيراً هو أن يعي العقلاء من الشيعة العرب أن أولئك لا يريدون بهم إلا شراً، ولا أدل على هذا من المعاملة الشرسة التي يلقاها أهل الأحواز من العرب شيعةً وسنةً، وما يصرح به دهاقنة أو أغبياء أولئك بين الحين والآخر، من كلمات تنضح بكل عنصرية وشوفونية فارسية وصفوية مقيتة ضد العرب وتاريخهم. من يتأمل فيما حولنا من فتن كقطع الليل المظلم، لابد أن يجد لإيران فيها دور سواء بالتدخل مباشرة، أو عن طريق أذرع الشر المعروفة بطائفيتها، أو عن طريق عملائها الذين ما فتئوا يعملون لحسابها طمعاً في المال والجاه . يقول الله تبارك وتعالى: وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (25) سورة الأنفال، فهي إذاً تعم متى حلت بالمجتمعات، لا تفرق بين صالح وطالح، أو صغير وكبير، فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63) سورة النور، فالتحذير هو من شق وحدة الصف والتنازع والاختلاف، فالأعداء يخططون بالليل والنهار لزرع بذور الفتنة والفرقة بين المسلمين المخلصين للإيقاع بهم، وهذا هو ديدنهم على مر التاريخ، وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ 31-32 سورة الروم، {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} (159) سورة الأنعام. يقول الشيخ صالح السدلان حفظه الله: «فالاختلاف الذي يسبب الافتراق والتمزق يعد ابتعاداً عن هدي النبوة ومنبع الرسالة ودين الحق، وعلى هذا: فمن اختلف فيه (وكانوا شيعا) أي فرقاً كأهل الملل والنحل والأهواء والضلالات، فإن الله تعالى قد برأ رسول الله صلى الله عليه وسلم مما هم فيه، {لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} صدق الله العظيم.