في الأسبوع الماضي كنا في مقبرة (أم الحمام) نشارك في تشييع زوجة - أحد الأصدقاء - (رحمها الله)، وتفاجأت بعدد من السعوديين، من مختلف الأعمار - بعد صلاة العصر - وهم يجولون بين القبور ليقف كل واحد منهم عند (قبر محدد) لقريب أو صديق له، بعد أن أخذ وقتاً لا بأس به للتعرف عليه، وتحديده!. منهم من يدعو، ويسلِّم على (ساكن القبر)، ومنهم من وضع (يده على وجهه) وجلس على الأرض، ليختلي بنفسه مناجياً، أو متذكراً، في مشهد تقشعر منه الأبدان، لأنّ هؤلاء الزائرين هم أناس أوفياء مخلصون - لآخرين - انقطعت بهم السبل، وباتوا تحت التراب، فمن سيعاتب أو يلوم من لا يزور (ميتاً)؟!. هنا تذكّرت أنّ أمانة منطقة الرياض منذ سنوات طويلة، وهي تتحدث عن تطوير (المقابر)، وترقيم القبور، ووضع إحداثيات لكل قبر .. الخ، نفذ بعض الأمر - كالتسوير - ولا زال المشوار طويلاً؟!. اعتقد أنّ عمل المقابر يحتاج إلى - مراجعة كاملة - بوضع آليات وضوابط جديدة، من خدمات ماء، ومكان مريح بمظلات وكراسي للانتظار, ومسارات واضحة، وعربات صغيرة لحمل الجنائز داخل المقبرة، ومرشدين يحملون بطاقات، أو جكيت ملون، لمساعدة أهل المتوفى، والمشاركين في التشييع للقيام بهذه المهمة بشكل الصحيح، والشرعي الميسر - خلاف ما عليه الحال اليوم - حيث العشوائية، والصراخ، وأحياناً الشجار والعراك بين المشيعين، واختلاف الآراء، وتدخُّل مجتهدين - لا علاقة لهم - بالمتوفى، مما يربك - عملية الدفن - التي ربما تكون تجربة جديدة على أصحاب المصيبة!. نحمد الله أن أكرمنا كمسلمين - بدفن موتانا - بشكل مبسّط، دون تكلف، وهذا لا يتعارض مع تهيئة أجواء مريحة لذوي الراحل، والاستفادة من تقنيات العصر، لتعيين القبر للرجوع إليه عند الحاجة، أو زيارته، في (موسكو) أقيم قبل أسابيع معرض لأكثر تقنيات القبور تطوراً على مستوى العالم، ومنها - شواهد إلكترونية - تعمل بالطاقة الشمسية تحوي (معلومات عن صاحب القبر) صورته، وسيرته الذاتية، وتاريخ الوفاة، ومعلومات عامة تؤرخ لهذا الإنسان الذي عاش ومات على هذه الأرض..!. أرجو أن تطور - الأمانة - من خدماتها في المقابر، سائلين الله المغفرة، عندما نكون من ساكني تلك الحفر!. وعلى دروب الخير نلتقي.