غيّب الأجل المحتوم أستاذي وأستاذ الكثيرين من أبناء جيلي وأجيال كثيرين جاؤوا من بعدنا، إنه الأستاذ الفقيد محمد بن سليمان المرزوقي تغمّده الله برحمته وأسكنه فسيح جناته، لقد كان الفقيد معلماً فاضلاً، ومربياً مخلصاً، ورجلاً من الرجال الفضلاء، أحب عمله فأخلص له،, وحرص على المنهج القويم في الصلاح والتقوى فسار عليه، وعزف عن الأضواء وابتعد عن منصات التتويج راغباً العيش في ظل ظليل، كسب بأخلاقه الحميدة احترام الناس والمجتمع القريب منه، وفرض بخصاله الجميلة تقدير زملائه ورفاقه وأصدقائه ومعارفه،, كره التكبر والتعالي فكان رائداً في سلوكه وأخلاقه، نبذ عن نفسه الأحقاد والكراهية فصار راقياً في تعامله، وفياً مع مجتمعه، نقياً في منهجه مع الجميع، لقد ذكرتني أم عبد الله وهي إحدى قريبات الفقيد في اتصال هاتفي، أنّ الفقيد كان رحمه الله باراً بوالديه ملازماً لهما حتى فارقا الحياة وودعا الدنيا، كما أنه كان باراً بزوجة أبية وكانت من تقديرها له تتمنى أن تدعى أم محمد، لم يكن ذلك فحسب بل كان عطوفاً على الجميع من أهل بيته وأقاربه،, عمل الأستاذ الفقيد محمد المرزوقي غفر الله له، في حقل التربية والتعليم معلماً ومربياً، وقد تنقّل في عدة مدارس في عنيزة، وكنت وزملائي بالمرحلة المتوسطة نتذكر الفقيد رحمه الله بالمتوسطة الأولى التي أطلق عليها أخيراً اسم (متوسطة بن صالح في عنيزة) تخليداً لذكرى المربي الفاضل صالح بن ناصر الصالح غفر الله له، وقد عيّن في بداية حياته الوظيفة كما ذكرت قريبته أم عبد الله، مديرا للمعهد العلمي بالأحساء لمدة خمس سنوات، ثم انتقل إلى محافظة المذنب سنتين ليكون قريباً من والده رحمه الله الذي عانى وقتها من ظروف صحية، وأكمل مشواره التربوي في عنيزة بين المرحلتين الثانوية والمتوسطة .. لقد كان أستاذنا الفقيد محمد المرزوقي رحمه الله، بصمة جميلة في ميدان التربية والتعليم وانتهى به المقام الوظيفي مديراً لمتوسطة ابن تيمية بمحافظة عنيزة، وقد كانت حياته حافلة بالجد والعطاء في ميدان مهم هو ميدان التربية والتعليم، وقد انطبق عليه قول الشاعر أحمد شوقي رحمه الله :- أرأيت أشرف أو أجلّ من الذي يبني وينشئ أنفساً وعقولا فقد أخلص في بناء العقول وتربية النفوس وتعليم النشء وتوجيه الشباب، ليكون الحصاد ثمرة يانعة وحصيلة موفقة تحمل مسئولية البناء والعطاء في قادم الأيام،, رحم لله أستاذي الفقيد أبا سليمان، اللهم جازه بالإحسان إحساناً وبالسيئات عفواً وغفراناً، وأنزله منازل الصديقين والشهداء {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.