سيظل توحيد المملكة العربية السعودية تجربة مميزة في مسيرة المجتمع الدولي، وأحد النماذج البارزة في تاريخ الدول والشعوب بما حفلت من بطولات، وبما حفلت من بطولات، وبما اشتملت من إنجازات، وبما قامت عليه من مبادئ وقيم سامية تحرص على تحقيق الأمن والاستقرار، وتحض على الخير والعدل والسلام. فمن خلال هذه التجربة الفريدة يتضح بما لا يدع مجالاً للشك أن الأمن والاستقرار هو الرقم الصحيح في معادلة بناء الدول، وهو الدعامة الأساسية التي عليها يتم البناء، ويعمّ الخير. وقد أدرك المؤسس - طيب الله ثراه - أهمية الأمن والاستقرار ودورهما في تحقيق السلم الوطني، والسلم الدولي، قبل أن يدرك العالم أهمية ذلك في الآونة الأخيرة، لذلك عمل على نبذ الفرقة والقضاء على أسباب البغض والكراهية، وتصحيح المفاهيم الخاطئة، والالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية في المعاملات والسلوك، والوقوف صفاً واحداً تحت راية واحدة، ليتفرغ المجتمع للنهوض التحديث، ومن ثم تنطلق الدولة الوليدة في مسيرة النمو والازدهار. فليس من المغالاة أو التزيّد الإقرار بأن ما تنعم به المملكة من أمن واستقرار يعود الفضل فيه بعد الله - عز وجل - إلى ما قام به الملك عبد العزيز - رحمه الله - ورجاله المخلصون لتوحيد البلاد من خلال مسيرة جهاد بطولية، يحفظ التاريخ وقائعها على أنصع صفحاته، ففي أشد العصور ظلمة على شبه الجزيرة العربية، تمكن المؤسس - طيب الله ثراه - من تأسيس دولة راسخة تقوم على تطبيق الشرع المطهر، لتصبح - فيما بعد - دولة عظيمة برسالتها الدينية والحضارية وبإنجازاتها ومكانتها الإقليمية والدولية. لذلك، فإن من الإنصاف والاعتراف بالحق لأهله، أن نستغل حلول ذكرى توحيد المملكة لنجعل منها مناسبة نثمن فيها دور القائد المؤسس - طيب الله ثراه - وجيل الأجداد والآباء الذين التفوا حوله ليصنعوا مجد هذه الدولة، ويرسّخوا لدى أبنائها الشعور بالفخر والعزة عاماً بعد عام. وإذا كانت هذه المناسبة الوطنية العظيمة تجسد مسيرة جهادية طويلة خاضها المؤسس ورجاله في سبيل وحدة هذا الكيان وإرساء دعائم استقراره، ووضع أسس ازدهاره تحت راية التوحيد، فإنها تمثل أيضاً فرصة سانحة لمتابعة مسيرة النهضة العملاقة التي عرفها الوطن، ويعيشها في كل المجالات على يد أبناء الملك عبد العزيز البررة، الذين حملوا الراية من بعده وواصلوا مسيرة التشييد والبناء، على النهج ذاته، ووفق الأسس الواضحة والمبادئ السامية التي قامت عليها الدولة منذ عهدها الأول، فأضافوا أمجاداً إلى مجده، فكانوا مثالاً يحتذى في حب الوطن والإخلاص له، وقدوة في حسن السياسة وإدارة الأمور، ونصرة العدل، والحق في كل المحافل الإقليمية والدولية، مما جعل المملكة تتبوأ مركزاً عالمياً بين الأمم، حتى غدت المملكة - في زمن قياسي - في مصاف الدول المتقدمة. لكل ذلك، ستبقى هذه المناسبة تجربة مميزة في مسيرة الشعوب، وشاهداً على ما يكنه أبناء الوطن من محبة وتقدير لقادته الميامين على امتداد العهود والعصور، ودليلا ناصعاً على بعد النظر ونفاذ البصيرة في وحدة الوطن واستقرار الدولة.