نستقبل الذكرى الرابعة والثمانين لليوم الوطني على درجات الفخر والاعتزاز، ويملأ أنفسنا بالسرور ما وصل إليه وطننا الغالي من النهضة والتقدم، يوم غالٍ يحمل في مضامينه العالية قصة إنشاء وطن مستقر آمن بعد أن كانت أرضه مكانًا للجوع والنهب والحرب والجهل، وكانت سماؤه مغبرة بالتنقل والترحال والقلق اليومي على النَّفْس والمال والعرض، فوحد الملك عبد العزيز -طيَّب الله ثراه- ورجاله المخلصون الأفذاذ الفؤاد والعباد والبلاد على كلمة التوحيد وحب الأرض لا عداوتها، فنشأت في قلب الصحراء الصلفة إنسانيَّة شفافة تشعر بالآخرين حتّى تسمت بمملكة الإنسانيَّة بعد أن بدلت إنسان الحرب والصراع بإنسان يرنو للحضارة والتمدن دون أن يحيد عن محدداته الإسلاميَّة وقيمه التاريخية التي قامت عليها المملكة العربيَّة السعوديَّة. إن المتأمل في المسافة الزمنية بين ذكرى اليوم الوطني السابقة واليوم الوطني هذا العام سيسجل كثيرًا من الإنجازات على مستوى الإنسان وقيمه وقيمته وعلى مستوى الإنشاءات الحضارية من الأنظمة والعمران والبناء، وسيفخر بصوت وإحساس عاليين بما تحقق وبما سيتحقق بفضل القيادة الحكيمة التي أسس لمبادئها وركائزها الملك عبد العزيز - طيَّب الله ثراه- وتبعه على خطاه أبناؤه الملوك فصارت المملكة العربيَّة السعوديَّة وطن للوفاء وموطنًا للمحبة والسَّلام تنادي به في كلِّ يوم العالم أجمع، وصار مواطنها الذي عانى أجداده مشقة الحياة وشظفها يساعد غيره من البشر على عسر الحصول على الكرامة في العيش والحياة وطوارئ النكبات والنوازل، فاليوم الوطني هو لحظة لامعة ومضاءة لتأمّل واقعنا ومقارنته بالماضي البعيد والصعب ولمراجعة علاقتنا بالوطن الذي احتضن كل طموحاتنا وقضايانا على حد السواء وكان ملاذًا آمنًا لنا من الظُّلم والطغيان حتَّى أن كثيرًا من العرب والمسلمين طاب له المقام بين ظهرانينا لطيب الأرض والحكم والشعب. يجب أن نسقي هذا الحب والولاء للوطن بالمعلومات السليمة عن تاريخنا ونحرص على ترقيته وتوثيقه في قلوب أبنائنا حتَّى يحملوا المشعل من بعدنا فلا يصابون بالمشقة والرهق ويحفظوا أمانة الوطن واستقراره، أن إنجازات الوطن كثيرة وعديدة ولكن لم يعد كثير من الناس أنفسهم على التأمّل فيها ومقارنتها بالآخرين وإلا سنجد أننا نملك أعظم وطن وأغلى أرض بوجود الحرمين الشريفين، وسنصل لحقيقة ما يبذله ولاة الأمر من العطاء والرِّعاية لمكتسبات الوطن الحضارية والإنسانيَّة وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وبمساندة ومؤازرة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع واهتمام ومتابعة صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبد العزيز ولي ولي العهد حفظهم الله . الوطن يتيح لنا أفرادًا أن نشارك في صناعة تاريخه وذلك ما لا تتيحه كثير من الأوطان وتلك فرصة تاريخية لارتقاء المجد وتحقيق الوطنيَّة في ذواتنا كونها مبدأ إسلاميًا وكونها الخطوة الأولى لتحقيق الذات قبل كل شيء التي أول ما يجب علينا تجاهها تنقيتها من المزايدات والتشاحن، والخروج بها إلى رحابة وطن يتسع لكل العقول والأفكار الخلاقة والبناءة. كل عام ووطننا يرفل بلباس الأمن والاستقرار وكل شبر فيه يغرد بشذى تاريخ مشرق، كل عام والفخر يجلل أرواحنا ويتوَّج رؤوسنا بوطن بحجم الكون كلّّه.