كنت أستمع بشيء في الفضول والاهتمام، لرجل أعمال أجنبي وهو يتحدث عن الاستثمار في المملكة، كان يؤكد بأنك بحاجة دائمة لصبر أيوب، وكنت أظنه يبالغ كثيراً، إلا عندما استمعت لشخص آخر يعمل في شركة استطاعت خلال أسبوع الحصول على 500 تأشيرة، بينما نرى مواطنينا من أصحاب المشاريع الصغيرة ينتظرون ستة أشهر للحصول على تأشيرة عامل، أو عاملين. أمام هذه الحالة نطرح السؤال: يا ترى ما السبب؟!.. هل تنظيم بيئة العمل في بلادنا يحتاج لمثل هذه البيروقراطية، لماذا نطلب من المواطن ترخيص محل وبلدية ومكتب عمل؟، ونفرض عليه انتظاراً لمدة لا تقل عن ستة أشهر للحصول على تأشيرات العمالة، وهو يدفع أجوراً دون أي مردود، فثمة شيء خطأ ويحتاج إلى التعديل، وهذا الغلط له آثاره السلبية على الاستثمارات الأجنبية وتوطين الاستثمار في بلادنا. وعليه تعتبر الأنظمة التجارية أداة وفاء بمتطلبات المستثمر المحلي والأجنبي، وتعمل على توطين رؤوس الأموال وجذب الاستثمار، وتساير الاقتصاد الوطني الذي يتطور ويتجدد باستمرار وكذلك تجدد الأنظمة التجارية في المملكة بشكل مستمر، وتقديم صورة واضحة عن واقع الأنظمة التجارية في بلادنا، والعمل على تطويرها وفقاً لأحدث الأنظمة التجارية العالمية، مع مراعاة عدم تعارضها مع أحكام الشريعة الإسلامية. هناك حاجة ماسة لمراجعة بعض الأنظمة التجارية السعودية، خصوصاً القديمة منها، وتطويرها لتواكب أنظمة التجارة العالمية، وأيضاً نحتاج إلى مراجعة عقود الأنظمة التجارية، وتعديلها وتوحيدها في نظام تجاري موحد, لعدم التضارب والتعارض فيما بينها، وإزالة النزاع بين الجهات المعنية والمؤسسات الرسمية والعامة, والقطاع الخاص والتجاري، والمالي والمصرفي, وتطوير نظام القضاء والمنازعات التجارية، وإيجاد قنوات نظامية لمشاكل الشركاء، بما يجنّب الشركات والمؤسسات المالية والمصرفية تعثرها أو إفلاسها. تحديث الأنظمة التجارية في السعودية سوف يجعل المملكة من أفضل دول العالم، في التعامل مع التجارة الدولية، مما سوف يساعد على جذب الاستثمارات الأجنبية، ومنع هجرة رؤوس الأموال المحلية، ويعمل على تحسين البيئة الاستثمارية المحلية، ويزيد في تدفق ونمو الاستثمارات إلى الوطن، لكن كل هذا يحتاج إلى جهد مميز، ودراسة دقيقة حتى يؤثر في التنمية الوطنية، ويقدم لنا تنمية اقتصادية راقية ومتقدمة. كما أن انضمام المملكة إلى منظمة التجارة العالمية ساعد على تحديث أنظمتها التجارية، خصوصاً الأنظمة والقواعد المتعلقة بالتجارة الدولية، وغطاء جوانب القصور فيها، وعمل على التعديلات الحديثة والمستقبلية، لكي تتوافق مع متطلبات حماية المستهلك، وتحسين معيشة المواطن والذي يستوجب تقديم خطة عمل بموجبها يتم تطبيق الاتفاقيات، والشراكات التجارية بين المملكة ودول العالم. وللسيطرة على التحديات التي تواجه المستثمرين، وبخاصة في قطاع الاستثمار والمال والأعمال وقطاع البنوك، والصناعة والتجارة، يفترض عمل المراجعة الدائمة على جميع الأنظمة التجارية السعودية من أجل دعم وتعزيز المنافسة التجارية الشريفة، وتوفير فرص أعمال جديدة لرجال الأعمال السعوديين، والقضاء على البطالة، وتحسين فرص التوظيف، ودفع المسيرة التنموية وخدمة رجال الأعمال، وجعل المملكة أنموذجاً متقدماً يُحتذى به، مما سوف ينعكس ذلك على معيشة المواطن، والاقتصاد الوطني. ويفترض من القائمين على وضع الأنظمة التجارية في المملكة، العمل على تطوير قواعد الإفلاس، والمنازعات التجارية، وإعادة هيكلتها، وإتاحة الفرصة للتجار والمؤسسات لإعادة تقييم وضعها الاقتصادي والمالي، وكذلك يجب تطوير نظام الشركات، وصياغة نظام تجاري موحد يتضمن رؤية واضحة للالتزامات، والتعهدات التجارية، وتنظيم الجهات القضائية وخصوصاً المحاكم التجارية، وتطويرها بما يستجيب لمتطلبات الحاضر والمستقبل، ويفي بحاجات الوطن والمواطن.