لا شك في أنّ من أراد السعادة في الآخرة فإنّ السبيل إلى ذلك هو اتباع شرع الله وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم، لكن ليس هذا فقط بل من أراد دنياً هانئة فعليه أيضاً بالكتاب والسنّة، ولا أقصد فقط انشراح الصدر الذي لا يأتي إلا باتباع شرع الله بل حتى أشياء أصغر من ذلك مثل الطعام والشراب. جاء الإسلام شرعاً نهائياً ناسخاً لما قبله، ولهذا كان شاملاً ليس فقط للحياة الروحية بل حتى المادية المحسوسة، ومن ذلك الأكل، فمن يؤسس غذاءه على القرآن والسنّة سيجد أعظم المنافع، وسأضع عدة مواضيع لهذا بإذن الله، وأفضل ما أبدأ به الزيتون، فقد ذُكر في القرآن سبع مرات، فبدأ الله به سورة التين فقال: «والتين والزيتون»، وذُكِرت في مواطن أخرى، ولعل أشرف شيء لهذه الثمرة الطيبة لما تكلم سبحانه عن نورِه .. وشَبّه نورَه بزيت الزيتون في سورة النور فقال تعالى: اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ (سورة النور 35)، وهذه الثمرة الصغيرة لها منافع ضخمة، ولا نقدر أن نحيط بكل منافعها فهذا يحتاج كتاباً كاملاً، لكن من فوائدها أنها تحوي مادة اسمها هيدروكسيتيروسول تحفظ العظام من الضعف، وتحوي النحاس الذي يحتاجه الجسم. هذا بالنسبة للثمرة، وأما زيت الزيتون فهذا أبو العجائب! زيت الزيتون منبع لا ينتهي من المنافع العظيمة، فأولاً يحفظ القلب من المرض بإذن الله، وذلك بأن يحمي الأوعية الدموية من التفاعلات الزائدة لجزيئات الأكسجين، ويوفر مضادات الأكسدة مثل فيتامين إي و بيتا كاروتين والتي تساعد في هذه العملية أيضاً («مضاد الأكسدة» تعني مواد نافعة تكافح عملية ضارة بالجسم وهي الأكسدة)، ولا يكتفي زيت الزيتون بذلك بل يتغلغل في جسمنا إلى المرحة الوراثية (الجينية) ويدعم الأوعية بمادة هيدروكسيتيروسول المذكورة، وهي ليست نوعاً عادياً من مضادات الأكسدة، بل هي من أقواها على الإطلاق، وهذه المادة فريدة ولا توجد إلا في الزيتون. بعض الناس (خاصة في الغرب حيث الخوف من أنواع معينة من الدهون) يخشى الزيوت كلها ويتحاشاها، لكن زيت الزيتون مختلف، فهو يتكون من الدهون غير المشبعة الأحادية والتي تخفض الكولسترول الضار وتزيد الكولسترول الحميد، ونفس الدهون وجد الباحثون أنها ترتبط بخفض ضغط الدم. هذا الزيت الجبار لا يكاد يقدر أن يتغلّب عليه المرض... حتى السرطان! منظمة ماريو نيغري الطبية الإيطالية حلّلت أكثر من 25 دراسة طبية ووجدت أنّ زيت الزيتون يحفظ بإذن الله من أنواع كثيرة من السرطان، منها سرطانات الثدي والجهاز التنفسي والجهاز الهضمي. العجيب أنّ الزيوت عموماً يجب الإقلال منها ويحذر العلماء من الإكثار من تناولها، إلاّ زيت الزيتون فإن أكله أكثر بقليل من الكمية التي تعوّد عليها الناس في الزيوت ينفع، فأيضاً هو يكافح الالتهابات في الجسم حتى لو لم يأكل المرء إلا ملعقتين كبيرتين في اليوم فقط. كذلك يَذهب زيت الزيتون للقناة الهضمية ويُبطئ نمو أنواع ضارة من البكتيريا تسبب العدوى. دراسة فرنسية كبيرة حثت على الإكثار من زيت الزيتون بعد أن وجدت أنه يقوي المخ، تحديداً الذاكرة الصُوَرية والقدرة الكلامية، وأوصت أن يوضع زيت الزيتون في السلطة وأن يستخدم كإدام وأن يُقلى به. اجعل زيت الزيتون جزءاً أساسياً من طعامك اليومي.