أوضح مختصون بالتطوير العقاري، أن استثمار أمانات المدن في قطاع المواقف متعددة الأدوار سيحقق لها نقلة نوعية في مجالات عدة ويحد من فوضى الطرق، وذلك بعد قرار مجلس الوزراء الأخير بالسماح للأمانات باستقطاع 25% من مباني المواقف للاستعمال التجاري. ويقول عبد الله الأحمري رئيس لجنة التثمين العقاري في جدة ل»الجزيرة»: بناء المواقف متعددة الطوابق في أرجاء المدن، يحد وبنسب كبيرة من المخالفات التي تصل أحياناً إلى درجة الفوضى العارمة فيما يتعلق بإيقاف السيارات في أماكن غير مخصصة لها، موضحاً أن ظاهرة الوقوف الخاطئ أمام الجهات الحكومية والمراكز التجارية وغيرها من المرافق، تسبب فعلاً أذى لمستخدمي الطرقات، بالإضافة إلى عرقلة انسيابية حركات الشوارع، مما يرفع بالتالي نسبة الحوادث. وأشار إلى أن هذا التعديل الذي طرأ على لائحة التصرف في العقارات البلدية، سيساعد في تعزيز مبدأ المنافسة العامة الذي أكدت عليه اللائحة، بضمان العدالة وتوفير فرص متكافئة ومعلومات موحدة لكافة المتقدمين، مبيناً أنه يزيد كذلك إيرادات البلديات، مما يساعدها في زيادة خدماتها نحو المجتمع. وقال: تُعتبر الإيرادات البلدية المباشرة مورداً هاماً للأجهزة البلدية، إذ يتم توجيه تلك الإيرادات للإنفاق على مشاريع التشغيل والصيانة، وتشكّل الإيرادات المحصلة وفقاً لإحصائيات رسمية صادرة عن وزارة الشئون البلدية والقروية، حوالي 52% من مخصصات التشغيل والصيانة وحوالي 19.2% من ميزانية الوزارة السنوية. ودعا الأحمري إلى أهمية أن تبدأ وزارة الشئون البلدية والقروية في إعداد اللوائح المنظمة لذلك، والمواصفات الخاصة بالمواقف المتعددة الأدوار، حتى يتمكن الشركاء من القطاع الخاص في تنفيذها للحد من عشوائية المواقف التي باتت تشهدها بعض المدن حالياً، مردفاً: «في مدينة جدة انتشرت مشاريع المواقف الاستثمارية لا سيما أمام أكبر المجمعات التجارية أو المطاعم أو مراكز الألعاب، مستغلة كثافة المرتادين وشح أماكن الوقوف، حيث توفر مواقف آمنة لكل سيارة مقابل مبلغ يصل إلى خمسة ريالات للساعة». وأضاف: رغم أهمية المواقف الاستثمارية إلا أن بعض المساحات المسخّرة لها تبدو مثيرة للشك، خصوصاً أنها تجهز بين عشية وضحاها ولا تحمل أي هوية تفيد تبعيتها إما لجهة استثمارية أو لأمانة محافظة جدة، ويكون جلّ ما بها من تجهيزات هما بوابتان بدائيتان يقف على بوابة الخروج شخص لجباية الرسوم من أصحاب السيارات. ولفت إلى أن الوسيلة العادلة لتنظيم آلية استخدام مواقف السيارات وجعلها مشاعاً للجميع، هي فرض مقابل رمزي للاستخدام، يكون الهدف منه إتاحة حق الاستخدام بين أكبر عدد ممكن من الناس لكي يتمكنوا من الوصول إلى الأماكن التي يقصدونها لقضاء متطلباتهم، وألا يكون هذا الحق مقصوراً على من يسبق إلى هذه المواقف للحصول عليها مجاناً، وهو ما قد يتيح لهذه الفئة، استغلالها بطرق أنانية تؤدي فيما بعد إلى أن الأكثرية يتجهون إلى الوقوف المخالف. وأكد الأحمري أن دور الأمانات يجب أن يكون مقتصراً على تحديد الأماكن التي يمكن استثمارها وتنظيمها والإشراف عليها، أما الإدارة والتشغيل فينبغي أن يُعهد بها إلى القطاع الخاص عن طريق طرحها في منافسات عامة، واستشهد رئيس لجنة التثمين العقاري في جدة، ببعض الدراسات التي تشير إلى أن دوران المركبات في منطقة محددة للبحث عن المواقف يضيف 30 إلى 40% من كثافة الحركة المرورية في المنطقة نفسها، وقال: «هناك تجارب ناجحة لإدارة المواقف في بعض المدن العالمية، ودورها في الحد من قيادة المركبات الخاصة». وأضاف: «يجب ألا نغفل أهمية وجود وسائل للنقل العام، فمشروعا النقل العام في جدة ومكة المكرمة، التي يجري تنفيذهما في الوقت الحالي، يجب عند الانتهاء منهما رفع أسعار أجرة المواقف، من أجل تخفيض الاعتماد على المركبات الخاصة، مفيداً أن إلغاء المساعدات للموظفين للوقوف في المواقف العامة في مدينة لوس أنجلوس ساعد على تخفيض الاعتماد على المركبات الخاصة من 69 % إلى 48% وبذلك خفّ عددها على الطرق، وفي مدينة يوجين خفّ بمقدار 35 % بعد أن تم رفع الرسوم لعدادات المواقف. وشدد الأحمري على أهمية الاستفادة من تجارب الدول التي سبقتنا في هذا المجال، أو في تجارب بعض أمانات المدن في المملكة التي سبق لها وأن عملت على تخصيص المواقف الطولية، مؤكداً أهمية طرح تلك التجارب في ورش عمل متخصصة، للخروج بالتوصيات والقرارات المناسبة، للبدء في عملية تنفيذ المواقف المتعددة الطوابق، والآلية التي يجب أن تعمل بها، وكيفية إداراتها، ونوع ومزايا تشغيلها من حيث إمكانية التوفير ورفع كفاءة المناطق الحيوية. وقال المتخصص في التخطيط العمراني فهد الصالح: من المؤكد أن قرار مجلس الوزراء الموقر بالسماح للأمانات بتحديد جزء لا يتجاوز خمسة وعشرين في المائة (25%) من مبنى المواقف للاستعمال التجاري وفقاً لضوابط البناء المعتمدة للموقع في مشاريع استثمار العقارات البلدية للمواقع التي تخصص كمواقف سيارات متعددة الأدوار له آثار إيجابية ذات مردود اقتصادي وتنموي للأمانات والبلديات من خلال مساعدتها على زيادة مواردها الذاتية وإمكاناتها المحلية والتقليل من الاعتماد الكبير على الدعم الحكومي الذي تحصل عليه من ميزانية الدولة، وسيعمل أيضاً على تعزيز دور القطاع من خلال فتح آفاق جديدة للاستثمار وتوفير فرص استثمارية إستراتيجية وتنموية تساعد في تحفيز المستثمرين والمطورين لزيادة الاستثمار في المواقع والعقارات المخصصة للاستثمار البلدي. وأضاف: القرار له آثاره الإيجابية على مستوى تنمية المدن في جانبين، أولهما المساهمة في إنعاش بعض المواقع المعدة للاستثمار وإقامة مشاريع عمرانية وتجارية جديدة، والآخر معالجة أحد أكبر المشاكل التي تعاني من المدن وهو قلة توفر المواقف عند المواقع التجارية. وتابع: باعتقادي أنه من الضروري أن يكون هذا القرار داعماً للبلديات كي تعمل على تطوير آليات التعامل مع المواقع البلدية الاستثمارية، إذ ينبغي أن يتم تبني أفكار جديدة في التعامل مع الاستثمارات البلدية من خلال تحفيز شركات مساهمة لتولي عملية الاستثمار في المواقع البلدية ومن ضمنها مشاريع استثمار العقارات البلدية للمواقع التي تخصص مواقف سيارات متعددة الأدوار، حيث إن هذا الأمر من شأنه رفع مستوى التنمية في المدن عمرانياً واقتصادياً، بالإضافة إلى رفع مستوى جودة المشاريع الاستثمارية من حيث العائد المادي والتصميم العمراني.