تم الإعلان أخيراً عن إنشاء شركة موحدة لسيارات الأجرة العامة (الليموزين) برأسمال يتراوح ما بين (700) مليون ومليار ريال, وسيتم البدء بمنطقة الرياض كمرحلة أولى بأسطول سيارات يتراوح بين خمسة آلاف إلى سبعة آلاف سيارة, وسيتم قصر الاستثمار في البداية على مالكي شركات الأجرة في الوقت الحاضر. وعلى الرغم من أهمية هذه الخطوة من المنظور الاقتصادي إضافة إلى ما يمكن أن تقدمه مثل هذه الشركة من دعم لتحقيق الأهداف الإستراتيجية لقطاع النقل في صناعة التنمية في المملكة، إلا أن التساؤل الذي يطرح نفسه هنا يتمثل في مدى جاهزية سوق الأجرة العامة من النواحي التنظيمية لاستقبال تلك الشركة العملاقة, وبعبارة أدق سوق الأجرة العامة يعج حالياً بجميع أنواع المخالفات, واللوائح التي سبق أن أقرتها وزارة النقل (المواصلات سابقاً) قبل حوالي سبعة عشر عاماً (1417ه) لم تطبق غالبية بنودها, ولذا استمرت سيارات الأجرة العامة وسائقيها بالإساءة لنا كسعوديين طوال السنوات الماضية من خلال تلك المخالفات والفوضى غير المبررة. فاللائحة المنظمة لنشاط الأجرة العامة تمنع سائقي سيارات الأجرة من التجول في الشوارع بحثاً عن الراكب لما لذلك من انعكاسات سلبيه أمنية وبيئية واقتصادية, إلا أن شركات الأجرة العامة وسائقيهم لم يلتزموا بذلك. واللوائح ألزمت شركات الأجرة بوضع بطاقة تعريفية بالسائق توضع خلف مقعد السائق, ولم يلتزم غالبية سائقي الأجرة بذلك. واللوائح تلزم جميع شركات الأجرة العامة باستخدام أجهزة اتصال لاسلكية مع جميع سائقي سيارات الشركة أثناء ممارسة النشاط, ولكن غالبية الشركات لم تلتزم بذلك. واللائحة ألزمت شركات الأجرة استعمال زي موحد لكافة السائقين, ولم يتم الالتزام بذلك من قبل غالبية الشركات. واللائحة ألزمت سائقي الأجرة والركاب باستخدام حزام الأمان, ولم يتم الالتزام بذلك. واللائحة فرضت عدم تحميل ركاب عن السعة المقررة للسيارة ولم يتم الالتزام بذلك. واللوائح منعت شركات الأجرة من اقتطاع إيراد يومي محدد على السائقين والعمل على صرف رواتب محددة وثابتة للسائقين بغض النظر عن ربحية كل منهم. واللوائح ألزمت شركات الأجرة العامة بأن يتولى قيادة سيارة الأجرة من يجيد القراءة والكتابة باللغة العربية, ومعرفة كافة شوارع المدينة التي يعمل بها, وأيضاً لم يتم التقيد بذلك وغيرها الكثير من التنظيمات التي تضمنتها اللائحة المنظمة لنشاط الأجرة العامة ولم يتم الالتزام بها لا من قبل ملاك شركات الأجرة ولا من سائقي الأجرة. خلاصة القول, نحن مع اندماج شركات الأجرة العامة في شركات موحدة وكبيرة, ولكن ما هي الفائدة التي سيجنيها الوطن والمواطنون من ذلك طالما استمر نشاط الأجرة العامة على فوضويته, وطالما غالبية ملاك شركات الأجرة العامة الذي رفضوا تطبيق اللوائح المنظمة للنشاط خلال حوالي عقدين من الزمان في تحد صارخ لوزارة النقل (والمواصلات سابقاً) سيكونون هم ملاك الشركات الجديدة بعد دمجها, أعتقد بأن على الجهات المعنية (وزارة النقل وإدارات المرور) أن تتحمل مسؤوليتها كاملاً, وأن تضرب بيد من حديد على جميع شركات الأجرة العامة التي تخالف اللوائح المنظمة لنشاط الأجرة, وأن تعمل على القضاء على تلك الفوضى التي تسيطر على هذا النشاط, قبل أن تمنح التصريح باندماج شركات الأجرة مع بعضها بعضاً.