مع الأداء السيئ للرئيس باراك أوباما، والغضب المتصاعد أمريكيا من معالجته للقضايا الداخلية، والخارجية، يعود الحديث، وبقوة، عن التاريخ السياسي لأمريكا، وعن الرؤساء الذين ساهموا في صنع هذه الإمبراطورية الجبارة، على مدى أكثر من مائتي عام، وبالتأكيد، فإن هناك رؤساء كانت لهم اليد الطولى في ذلك، والتاريخ لا يرحم، فكم من رئيس لم ينصفه التاريخ في حياته. هذا، ولكن السنين أثبتت، بلا جدل، بأن رؤيته سبقت زمانه بمراحل، وفي المقابل، فهناك رؤساء بلغت شعبيتهم الآفاق، ولكن التاريخ أثبت أنهم كانوا مجرد فقاعات في زمانها، ولم يسجل لهم إنجازات تذكر!. الرئيس رونالد ريجان (1980-1988)، على سبيل المثال، كان، ولا يزال، ملء السمع، والبصر، وذو شعبية جارفة، وينظر إليه على أنه واحد من أعظم الرؤساء الأمريكيين، ولكن تأكد لاحقا أن معظم الفضل في ذلك يعود للدائرة الضيقة من مساعديه المخلصين، طوال فترة رئاسته، كنائب الرئيس، والرئيس لاحقا، جورج بوش الأب (1988-1992)، ووزير الخارجية، جورج شولتز، وغيرهم، وهذا لا ينفي، قطعا، قدرات ريجان المذهلة، والكاريزما القيادية التي يتمتع بها، وبالتأكيد، فإن مجرد مقدرته على اختيار رجاله بعناية يعتبر ضربا من ضروب التميز، ولا زال ريجان يصنف، شعبيا على الأقل، على أنه من أفضل رؤساء أمريكا، على مر تاريخها. في المقابل فإن الرئيس جورج بوش الإبن (2000-2008) لا يزال يصنف على أنه واحد من أسوأ الرؤساء الأمريكيين، وهو يفتقد للحنكة، والذكاء اللازم. هذا، ولكنه كان شجاعا، وعنيدا صلب المراس، بشهادة خصومه، وهو لا يزال مصرا على أن التاريخ سينصفه، كما يؤكد دوما، ولا زلت أعتقد أن حرب العراق، واحتلالها، في عام 2003، والذي كان له الدور الأكبر في تشويه صورته، لم يكن سيئا بالدرجة التي يتوقعها المؤرخون، والمعلقون، فعلى الرغم من سوء الأوضاع في العراق حاليا، إلا أن العالم أفضل بدون الديكتاتور، صدام حسين، وربما لو لم يطح الرئيس بوش الإبن به من حكم العراق، لرأينا أحفاد أحفاده يحكمون العراق، بعد قرن من الآن، ولئن كان بوش يتهم بأنه جعل العالم أكثر خطورة، نتيجة لتهوره، أو شجاعته المفرطة، فإن الرئيس أوباما، بتردده، وضعفه، واهتزاز مواقفه لم يجعل العالم أكثر أمانا، أليس كذلك ؟!