نشرت وسائل الإعلام الأمريكية الكبرى نتائج استفتاء، تم عمله مؤخراً، ويعنى بمعرفة أسوأ رئيس أمريكي، منذ الحرب العالمية الثانية، وقد كانت النتيجة محبطة جدا للرئيس الحالي، باراك أوباما، فقد حظي بالمرتبة الأولى، كأسوأ رئيس!!، وسبقه بالترتيب، جورج بوش الابن، في المرتبة الثانية، ومن ثم ريتشارد نيكسون، وهو الرئيس الوحيد الذي تم عزله من الرئاسة، بعد فضيحة ووتر قيت، أما أفضل الرؤساء، في ذات الفترة، فقد كانوا رونالد ريجان، وبيل كلينتون، وجون كينيدي، ومع أن أوباما اشتهر بتردده، وعدم حسمه للقضايا الكبرى حول العالم، والتي كانت دوما قضايا أمريكية خالصة، وهو الأمر الذي أثر سلبا على سمعة الولاياتالمتحدة، إلا أن الأمر أكبر بكثير من ذلك. رونالد ريجان (1980- 1988)، والذي أُختير كأفضل رئيس، كان جمهوريا يمينيا، ولم يكن يملك العمق، ولا الثقافة، فقد كان كابوي، أكثر منه رجل سياسة، ولكن من قال إن الحاكم يجب أن يكون مثقفا، فغريزة القيادة، والشجاعة، والإقدام كلها أمور لا علاقة لها بالعلم، والثقافة، وقد أثبتت الوقائع التاريخية أن الإنسان المتعلم لم يكن أبدا حاكما جيدا، فالسياسة هي فن الممكن، ولغتها تتعلق بالمصالح، لا بالقدرة على التمييز بين الحق، والباطل، والمثاليات، وقد تمت خدمة ريجان من قبل معاونيه، مثل جورج بوش الأب، وجورج شولتز، وغيرهم من دهاقنة السياسة، كما أن لجاذبيته الشخصية (الكاريزما) دورا كبيرا في شعبيته الجارفة، أما بيل كلينتون (1992- 2000)، فقد كان رئيسا ذكيا، وقانونيا متمرسا، إضافة إلى خبرته الطويلة في العمل السياسي، كحاكم لولاية اركانسا، وهو الرئيس الذي كانت فترته ذهبية في التاريخ الأمريكي الحديث. كينيدي(1960- 1963)، كان رئيسا متألقا، وربما أن اغتياله رسخ ذكراه في وجدان الشعب الأمريكي، وقد حكم أمريكا في واحدة من أحلك فتراتها، أي فترة ثورة الحقوق المدنية، عندما كانت أمريكا في حرب مع نفسها، ومع أن خلفه، الرئيس ليندون جانسون (1963- 1968)، هو الذي أعلن إنهاء سياسة الفصل العنصري ضد السود، إلا أن كينيدي كان هو البطل الحقيقي وراء هذا الإنجاز، فقد كان متعاطفا مع المهمشين في المجتمع الأمريكي، وقريبا من قضاياهم، وعلى الرغم من دقة استطلاعات الرأي، إلا أنها لا يجب أن تؤخذ على علاتها، فريتشارد نيكسون تشوهت صورته، بعد فضيحة واتر قيت، ولكنه كان رئيسا بارزا، فهو أول من انفتح على العالم الصيني، ووسع علاقة الشرق بالغرب، وكذا بوش الابن، فبالرغم من كل أخطائه، وجهله السياسي، إلا أن الواقع يقول إن الديكتاتور، صدام حسين، كان سيجثم، هو وأسرته على صدر العراق لعشرات السنين، لولا حرب بوش، أما أوباما فهو سيئ، ولكن ليس بالسوء الذي صوره الاستفتاء، وعلى أي حال، علينا أن نتذكر، دوما، أن أمريكا بلد مؤسساتي، ترسم سياساته لعقود مقبلة، ويستطيع الرئيس القوي، مثل بوش الأب، وكلينتون، على سبيل المثال، أن يحور هذه السياسة، أو تلك، ولكنه، أبدا، لا يستطيع أن يحيد عن الخط المرسوم سلفا!.