المجتمع الفلسطيني ومثله المجتمع العربي يعيش حالة تحولات حضارية وعلمية وتقنية وإعلامية برزت في شكلها الظاهر في الربيع العربي عام 2010م، بدأت في: تونس ثم مصر، ليبيا, اليمن، سوريا، العراق. أخذت في بعض بلدان الربع العربي مظهر العنف والاقتتال لكنها في باقي دول الربيع ظهرت على شكل إصلاحات اللوائح والأنظمة والتغيرات البرلمانية والحقوقية والانفتاح الإعلامي. الفلسطينيون داخل 48م ودولة فلسطين بالضفة والقطاع ومن هم في الشتات كانوا أسرع من غيرهم من العرب في التحولات الحضارية العلمية لأنهم تلقوا تعليما في جامعات الغرب أوروبا وأمريكا وجامعات الشرق الصين واليابان وكوريا في وقت مبكر، هذه إحدى أسباب الربيع العربي الجامعات العالمية وجامعات الداخل حيث رفعت إيجابا سقف التعليم وتنوعه, هذه مع غيرها من العوامل ساهمت في ربيع العرب، أياً كان هذا الربيع مزهرا أو حالكا, رياحه باردة وعاصفة, أو نسائم يفوح منها عبير الشجيرات، أين كان هذا الربيع بعنفه كما في سورية وليبيا أو التصحيح كما في تونس، فقد ساهم التعليم الجامعي النوعي والتقليدي بتحولات داخل الوطن العربي يمكن ملاحظاتها في فلسطين في مقاومة غزة الصامدة والحراك في الضفة الغربية. إسرائيل بقت كما هي لكن ما حدث أن الفلسطينيين تغيروا تعليميا، ففي السابق تضرب إسرائيل الفلسطينيين دون مقاومة باستثناء العمليات الاستشهادية وكان العرب هناك يتعرضون للتفتيش والتعرية والإهانة لمجرد الاشتباه يتم تعريتهم في الشوارع وأمام المارة، وهذا إمعانا في الإذلال، لكن مع ثورة التعليم والتقنية والتكنولوجيا المتعددة ومع تطور وسائل الاتصالات الهاتفية وتقنية الصواريخ والحاسوبات وعلم الخرائط وما توفره الملاحة والجغرافيا من معلومات استفاد منها الشعب الفلسطيني وظفها في حربه مع إسرائيل عام 2014م في ضرب العمق الإسرائيلي, فهي ثقافة عالمية ليست حكرا على مجتمع دون غيره، لكن الفلسطينيين أسرع من غيرهم في استثمار العلوم الطبيعية والتطبيقية، استثمروا: الفيزياء، الرياضيات، الكيمياء، الحاسب، الجغرافيا، الإعلام، والهندسة لتوظف في حروب إسرائيل مما أتاح للفلسطينيين تطوير وسائل المقاومة الصواريخ والقنابل وتحديد الأهداف داخل المدن الإسرائيلية وجعلها في مرمى نيرانهم، وينتظر من المقاومة تطوير قدراتها في الحروب الإعلامية والنفسية والمعلوماتية والانتقال مستقبلا من المقاومة إلى المبادرة في حرب المعلومات والإعلام.