رئيس تحرير جريدة الجزيرة.. السلام عليكم.. إطلعت على مقال الأخت سمر المقرن في الجريدة يوم السبت 23-8-1435ه بعنوان (حق الأم في تسمية مولودها).. وقد دافعت الأخت عن حقوق النساء، ورأت أن من هضم حقوقهن عدم تمكينهن من تسمية مواليدهن.. وأن أنظمة الدولة لا تمنح هذا الحق، وأن التعامل مع أهلية المرأة منقوص وبعيد عن التشريع الإسلامي... وهكذا.. فجزاك الله خيراً أختي (سمر) على حَدَبِك وغيرتك على النساء.. وقد سبقك بذلك الرسول صلى الله عليه وسلم -وتسميته صلى الله عليه وسلم أبٌ للمؤمنين هو قول معتبر لدى كبار العلماء- حين دافع عن حقوق المرأة على كافة الصّعد والمناسبات. فكان مما قال: (استوصوا بالنساء خيراً).. وقال: (أُحرّج عليكم حق الضعيفين، المرأة، واليتم) ومعنى أحرّج أي أحذركم الوقوع في الحرج وهو الإثم. ولكن الشارع الحكيم يا أختي الكريمة أعطى كل ذي حق حقه، وخوّل كلاً بما يناسب قدراته وتخصصاته، فأناط تسمية المولود بالأب، وجعلها حقاً من حقوقه، كما قال العلماء الكبار كابن القيم حين قال في «تحفة المودود في تسمية المولود»: إن التسمية حق للأب لا للأم؛ وهذا لا نزاع فيه بين الناس.. ثم قال: وكما أنه يُدْعى لأبيه لا لأمه كما قال تعالى: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ} فالمولود يتبع أباه في هويته، وحريته، ورِقَه، ونسبه, وتسميته. وعقيقته على أبيه لا على أمه. أه. وقد صدرت فتوى هيئة كبار علماء المملكة برئاسة الشيخ ابن باز، بأن التسمية حق للأب.. وأفتى بذلك الشيخ ابن عثيمين، وغيرهما.. أما ما ذكرتيه يا أختي الكريمة في الجريدة من وجوب منح تسمية المولود للأم في حال الطلاق، أو الخصام، أو الفسخ أو ما سواها فتلك (قضايا عين) تقدّر بقدرها، وتبقى حالات استثنائية، ينظر فيها للأصلح. فيا أختي الكريمة أرجو ألا تأخذك عواطفك الجياشة وتقولين على الله بلا علم.. فالذَّكر ذكر، والمرأة مرأة، وكلٌّ ميسّر لما خلق له. {قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ}.. ولكل حدوده وقيوده، فلا تساوي بين الرجل والمرأة يا أختنا الكريمة.. ولا يخفى عليك قول الحق تبارك وتعالى: {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى}.. وقوله تعالى:{الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ}، أي قادة ومديرين ومسؤولين وهكذا.. ومن ضمن هذه القوامه حق التسمية. فالله هو الخالق الذي جعل لكل إنسان ما يناسب تكوينه، وماله وما عليه، كما قال تعالى:{أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}.. وإلا فأنا أتألم كثيراً، وآسف أشد الأسف إذا علمت ورأيت أمرأة مهضومة حقوقها.. أحببت إطلاعك والقراء الكرام على أنه: لا يستوي من رسول الله قائده دوماً وآخر هاديه أبي لهب ولا تستوي من كانت لزهراء قدوتها ممن تقفّت خطى حمالة الحطب واعلمي -وفقك الله- أن العبرة بصلاح المولود ونجابته، لا باسمه، فالاسم مجرد وسْم يعرف به، أما العبرة فبمآلات الأمور، ومقاصدها، وغاياتها، وهي صلاح الذرية، وحسن تربيتها، كما قال الحكيم: (فلا التأنيث لاسم الشمس عيبٌ ولا التذكير فخرٌ للهلال) وفقك الله، وبارك فيك؛ والسلام عليكم.