في يوم الأحد الموافق الموفق السادس والعشرين من شهر رجب لعام ألف وأربعمائة وخمسة وثلاثين من الهجرة النبوية الموافق الرابع والعشرين من شهر مايو لعام ألفين وأربعمائة وعشرة ميلادية، توفي إلى رحمة الله الأستاذ المربي طاهر بن مرزوق الزايدي بعد معاناة من المرض، الذي أثبت خلال تلك المحنة الثبات والصبر والإيمان بقضاء الله وقدره، وقد كان هذا ديدن حياته من الصبر والمثابرة، فرحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته. وللذين لا يعرفون الأستاذ طاهر الزايدي أقول إنه رجل عصامي من رجالات الطائف المعروفين بالعصامية والإصلاح بين الناس وفعل الخير، فضلا عن قصة نجاحه كمربٍّ، التي أحسب أنها تصلح ذكري وعبرة للأجيال. فقد نشأ في أسرة بسيطة متواضعة يتيما من أسر الطائف المعروفة، وعلى وجه الخصوص من جنوبالطائف، وشق طريقه في الحياة طالبا في الليل ومكافحا لطلب الرزق في النهار، حتى أصبح موظفا بسيطا في مدرسة الحسن بن الهيثم الابتدائية بالشهداء بالطائف، ويعتبر المؤسس الحقيقي لها، ثم حصل على شهادة إعداد المعلمين المتوسطة التي تمنح شهادة التدريس بعد المرحلة المتوسطة ثم أصبح معلما في ذات المدرسة لفترة طويلة من الزمن وكان معلما نموذجيا في إخلاصه وانتظامه وإعداده وتربيته لطلابه وحسن متابعته لسلوك تلاميذ حتى خارج جدران المدرسة يتابعهم ويهتم بتعليمهم وتربيتهم ويساعد من كان منهم محتاجا ويشجع من كان منهم متفوقا ثم تدرج الأستاذ طاهر من وكيل للمدرسة إلى مدير لها واستمر فيها إلى أن تقاعد لسنين طويلة، وقد شهد له كل من عرفه من طلاب ومدرسين ومشرفين تربويين ومديري تعليم وكل من تعامل معه على جديته وإخلاصه وإبداعه في التدريس والإدارة والعلاقات الإنسانية حتى حصلت مدرسته لسنوات عدة على جوائز على مستوى المنطقة والمملكة وحصل طلاب المدرسة إبان إدارته على جوائز التفوق والسلوك المنضبط، وقد كان يبذل وبجهوده الذاتية ومبادراته الشخصية كيفية تحسين وتطوير المدرسة والبيئة المدرسية حتى حصل أرض وسط حي مكتظ بالسكان وتم بناء مدرسة نموذجية، وكان ذلك بجهود ذاتية منه شخصيا لقد كان قياديا تربويا نادرا محبا لمهنته ونموذجيا تربويا مميزا (ولعلم القارئ الكريم فإني أذكر في هذا السياق بمقال نشر قبل سنين عدة للأستاذ العصامي الإعلامي المشهور بدر كريم، تحدث فيها عن الأستاذ طاهر الزايدي بما يستحق من إشادة وقيادة وعصاميه وريادة والأستاذ بدر كريم هو مثل نادر في هذه السياقات «حفظه الله» وهنا أتمنى على وزير التربية الأمير المفكر المبدع المربي خالد الفيصل أن يحتفي بذكرى الأستاذ طاهر الزايدي بما يليق باعتباره نموذجا تربويا، نحن في أشد الحاجة إليه اليوم ونحن ننشد إصلاحا تربويا حقيقيا ليستفيد منه الأجيال وتستفيد منه العملية التربوية لبناء المواطن السعودي النموذجي. أما عن الجوانب الأخرى التي تحلى بها الأستاذ طاهر فهي كثيرة وفريدة يكفي أن أذكر منها اثنتين: السعي للإصلاح بين الناس وقد عرف بين أهل الطائف بهذه الخصلة وفعل الخير والإحسان على الفقراء والمساكين ويا لها من خصال. عزاؤنا للمربي وعضو مجلس الشورى سابقا ورئيس جمعية حقوق الإنسان بمكة الأخ والصديق العزيز الأستاذ سليمان الزايدي وكل أسرة الفقيد وللأسرة التربوية و للوطن. رحم الله الفقيد رحمة واسعة وجعل كل ما قام به في ميزان حسناته.