بلغ الهجوم الذي يشنه مسلحون أشده في مدينة بعقوبة على بعد 60 كلم فقط من بغداد التي خسرت أمس الثلاثاء السيطرة على معبر حدودي ثان مع سوريا، في وقت أمر رئيس الوزراء نوري المالكي بإعفاء ضباط كبار من مناصبهم على خلفية الأحداث الأخيرة. ووسط حالة الفوضى الأمنية والسياسية التي يعيشها العراق منذ سبعة أيام، أرسلت الولاياتالمتحدة التي ناقشت أحداث العراق مع إيران بشكل مقتضب في فيينا، 275 عسكريا لحماية سفارتها في بغداد، في أول خطوة من نوعها منذ الانسحاب الأميركي نهاية 2011. وقال قائد عمليات دجلة الفريق الركن عبدالامير محمد رضا الزيدي لوكالة فرانس برس الثلاثاء إن «مجموعة من المسلحين نفذوا هجوما بالأسلحة الرشاشة في بعقوبة (60 كلم شمال شرق بغداد) والقوات الأمنية صدت الهجوم». وأكد ضابط برتبة مقدم في الجيش أن المسلحين «تمكنوا من السيطرة على أحياء الكاطون والمفرق والمعلمين في غرب ووسط بعقوبة لعدة ساعات، قبل أن تتمكن القوات العراقية من استعادة السيطرة على هذه الأحياء». وقتل 44 شخصا بالرصاص داخل مقر للشرطة في وسط بعقوبة خلال الهجوم، بحسب ما أفادت مصادر أمنية وطبية. وهذا أول هجوم تتعرض له بعقوبة مركز محافظة ديالى منذ بدء الهجوم الكاسح للمسلحين في أنحاء من العراق قبل أسبوع الذي تمكنوا خلاله من السيطرة على مناطق واسعة في الشمال، بينها الموصل (350 كلم شمال العراق) وتكريت (160 كلم شمال بغداد). في موازاة ذلك، أعلن عقيد في الشرطة العراقية أن الشرطة عثرت أمس على 18 جثة تعود إلى عناصر في القوات الحكومية شرق مدينة سامراء (110 كلم شمال بغداد). وفي بغداد، قتل 13 شخصا في تفجيرات متفرقة بينهم سبعة قضوا بانفجار سيارة مفخخة في منطقة مدينة الصدر التي تسكنها غالبية شيعية، فيما قتل أربعة أشخاص في قصف على الفلوجة (60 كلم غرب بغداد) التي تخضع منذ بداية العام الحالي لسيطرة مسلحين. وبعدما خسر العراق سيطرته على معبر ربيعة الحدودي الرسمي مع سوريا والواقع في نينوى لصالح قوات البشمركة الكردية، سيطرت مجموعة من المسلحين على معبر القائم (340 كلم غرب بغداد) الواقع في محافظة الانبار غرب البلاد بعد انسحاب الجيش والشرطة من محيطه. وأوضحت مصادر أمنية وعسكرية أن مسلحين قالت إنهم قريبون من «الجيش السوري الحر» و«جبهة النصرة» هم الذين سيطروا على المعبر، علما أن عناصر «الجيش السوري الحر» يسيطرون منذ أشهر على الجهة السورية المقابلة من المعبر في مدينة البوكمال. ولم تعد الحكومة المركزية في بغداد تسيطر إلا على معبر واحد مع سوريا التي تشترك مع العراق بحدود تمتد حوالي 600 كلم، هو معبر الوليد والواقع أيضا في محافظة الانبار قرب الحدود مع الأردن. وبعد أسبوع من سقوط الموصل ومدن أخرى، أمر رئيس الوزراء نوري المالكي بإعفاء ضباط رفيعي المستوى في القوات الحكومية من مناصبهم وإحالة احدهم على محكمة عسكرية، واصفا سقوط مناطق في أيدي المسلحين بالنكسة، بحسب ما جاء في بيان رسمي أمس. ومن أمر المالكي بإعفائهم من مناصبهم هم الفريق الركن مهدي الغراوي قائد عمليات نينوى، ونائبه اللواء الركن عبد الرحمن مهدي، ورئيس أركانه العميد الركن حسن عبدالرزاق، والعميد الركن هدايت عبد الرحيم عبد الكريم عبد الرحمن قائد فرقةالمشاة الثالثة الذي أحيل على المحكمة العسكرية. سياسيا اتفق قادة العراق في لقاء عقدوه في بغداد مساء الثلاثاء على شجب الخطاب الطائفي ومراجعة المسيرة السياسية السابقة بهدف تقويمها، في وقت تتعرض البلاد لهجوم من قبل مجموعات من المسلحين. وحضر اللقاء رئيس الوزراء نوري المالكي ورئيس مجلس النواب أسامة النجيفي ورئيس «الائتلاف الوطني» إبراهيم الجعفري ورئيس المجلس الأعلى الإسلامي عمار الحكيم ونائب رئيس الجمهورية خضير الخزاعي وقادة آخرون. وقال الجعفري عقب اللقاء في كلمة نقلتها قناة «العراقية» الحكومية وقد وقف القادة الذين حضروا الاجتماع خلفه إنهم توافقوا على «الحافظ على وحدة شعبنا (...) وتجنب أي نوع من أنواع الاستفزازات الطائفية». وأضاف أن قادة البلاد اتفقوا أيضا على «دعم الإجراءات المدنية (...) والتحشيد من كل مكونات الشعب وبشكل متوازن» و»مراجعة المسيرة السابقة لتقويمها لصالح العراق».