عندما يقف المرء أمام البحر.. وينظر ويسترق النظر إلى ما بعد هذا البحر الذي أمامه... يتمعن فيه ليس ليكتشف ما هو خلف هذا البحر وهذه الأمواج العاتية القوية في مدها. الهادئة في جزرها..لا.. بل ينظر إليه لكي يرمي كل ما هو في ضميره وإحساسه من كلمات ومن أنفاس تحرقه وتحرق دواخله.. فلا يجد هذا المرء سوى أن يأخذ نفساً عميقاً ويغمض عينيه فيتوقف لعدة ثوان كل جسده ومن ثم يخرج زفيره بهدوء باتجاه البحر... وكأنه أزاح بهذا كل جروحه وأحزانه ببضع ثوان استنشق بها وأخرج مع أنفاسه كتمانه وأحزانه.. كم هي مأساة أن نخدع أنفسنا بأن تلك الأنفاس قد أزاحت همنا وحزننا.. ونحن نتيقن بأنها لم تخرج، بل ظلت في دواخلنا تعبر بها ملامحنا .. وإن ابتسمنا .. فهي ابتسامة تفاؤل وتجديد .. ليس إلا.