بغضّ النظر عما إذا كنت تدرك ذلك أم لا، فأنت تجري مفاوضات على الدوام، كلّما طالبت رئيسك في العمل بمزيد من الموارد، أو قيّمت أداء أحدهم، أو قرّرت مع شريك حياتك أين ستمضيان الإجازة، كونك تبدأ حديثاً قد يخفي خلافات كثيرة، وتسعى للتوصل إلى حل مشترك لإحدى المسائل. إنّ هذا ما تقوم عليه المفاوضات - وهي عبارة عن عملية يلتقي في سياقها طرفان قد يملكان أهدافاً متنافسة، ويحاولان التوصل إلى حلّ يرضي الجميع. لا يقتصر تطبيق هذه المقاربة على مفاوضات تدوم شهوراً، ومن المتوقع أن تحقق نتائج كبيرة، حيث إن جميع المفاوضات، كبيرة كانت أم صغيرة، تستحق اهتمامك. وبالتالي، عليك أن تصقل مهاراتك في مجال إدارة الخلافات والتفكير المبدع، وأن تعرف أنّ أفضل المفاوضين الناشطين الذين رأيتهم يُظهرون في العادة أعلى مستويات الاستعداد والإبداع. الاستعداد أولاً: يُعتبر الاستعداد بالغ الأهمية لإنجاح أيّ مفاوضات. لكنّ قلّة من الناس تمضي وقتاً كافياً على التحضيرات. وبالتالي، كرّس وقتاً للاستعدادات، لا يقل عن ذلك الذي ستتطلبه المفاوضات بنظرك، واعلم أنّ المفاوضات الأكثر تعقيداً ستتطلب تحضيرات إضافيّة. وفي بعض الحالات طبعاً، قد لن تتمكن من الاستعداد كما ينبغي، إن أتاك مورّد فجأة وأراد التفاوض بشأن حزمة كبيرة من المشتريات الجديدة، أو اتّصل بك عميل وطلب تخفيضاً على الأسعار. وفي ظل هذه الظروف -وقبل المباشرة في أي مفاوضات- قد يساعدك أن تسأل نفسك عن طبيعة اهتماماتك الأساسية، وعن الطبيعة المحتملة لاهتمامات الطرف الآخر. ثانياً، من الضروري أن تكون مبدعاً -عند قيامك بالتحضيرات ودخولك قاعة المفاوضات على حدّ سواء. ولا شك في أن الهدف من أي حديث صعب هو التوصّل إلى أفضل حلّ ممكن. وكلما كثرت الخيارات المطروحة، زادت احتمالات التوصّل إلى حل جيّد. واعلم أنّه عند قيامك بطرح الخيارات، يقضي هدفك بتطوير حلول تتماشى مع اهتمامات جميع الأشخاص المعنيين -أي الاحتياجات الأعمق التي يخفيها موقف كلّ طرف من الأطراف. وقبل أن تبدأ بالتفاوض، اكتب أكبر عدد ممكن من الأفكار التي قد تخطر في ذهنك. وحاول التوصل إلى سبع أو ثماني أفكار، حتى إن كان النقاش بسيطاً، على أن يزيد هذا العدد عند إجراء مفاوضات أكثر تعقيداً. واسمح لنفسك بالتوصل إلى حلول قد تبدو غير منطقية - فغالباً ما تسمح هذه الخيارات المستحيلة بإفساح المجال أمام حل أكثر واقعيةً.