اطلعت على ما كتبه أخي الأستاذ عبدالعزيز السماري - وفقه الله - يوم 11-8-1435ه بعنوان (فضيلة الشيخ)... فألفيته مقالاً طيباً.. لكنه يحتاج إلى لفت نظر الكاتب الكريم إلى مقارنة ألقاب المشايخ وطلبة العلم مقارنة مع غيرهم من المهن الأخرى. لأن الأستاذ السماري يرى أن هذه الألقاب (فضيلة الشيخ) (سماحة الشيخ) وغيرها أنها دخيلة على مجتمعنا، وأنهم لا يستحقونها... لكنني أقول لك يا أخي الكريم هذه ليست دخيلة على إطلاقها، فمنذ الصدر الأول للإسلام والعلماء يصفون بعضهم بصفات وألقاب، وقامات، ومقامات تليق بهم، وتليق بمقامهم السني، ومقدارهم العلي، فهذا شيخ الإسلام فلان، وهذا الإمام فلان، وهذا العلامة فلان، وهذا سماحة الشيخ، وذاك فضيلة الشيخ وغيرها... علماً أن هؤلاء قد رفع مقامهم، وعظّم مقدارهم القرآن الكريم كما في قوله تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}، وقوله: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}، وقوله: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء}، وغيرها من النصوص الدالة على شرفهم، وشرف ما يحملون، فتشريفهم سماوي من عند الله.. فكيف نتكاثر عليهم ألقاباً يستحقونها؟ وفي الحديث: (العلماء ورثة الأنبياء) وغيرها من النصوص الدالة على شرفهم.. كما قال الشافعي رحمه الله: العلم مغرس كل فخر فافتخر واحرص يفوتك فخر ذاك المغرس فلعل يوماً أن حضرت بمجلسٍ كنت الرئيس وفخر ذاك المجلسِ ثم كيف نبخل على هؤلاء بهذه الألقاب ولا نبخل ولا نتكاثرها على اللاعبين والمغنين والممثلين؟! نعم أنا أوافقك الرأي أن المبالغة في ذلك وإضفاء الألقاب الباعثة على العجب والزهو والغرور يجب أن تتوقف... وما لا فلا.. وأنا أوافقك الرأي أن بعض الناس - هداهم الله - ما أن يرون قاضياً شاباً يافعاً إلا يتملقون له ويتزلفون له بألقاب لم يبلغوا شامها.. فالقصد القصد تبلغوا... علماً أن هذه الألقاب المتداوله في السعودية صدرت فيها قرارات وتنظيم مثل (سماحة) لمن بلغ المرتبة الخامسة عشرة في منصب ديني، وشيخ لمن حصل على بكالوريوس شريعة ويعمل في جهة دينية، وفضيلة الشيخ لمن حصل على المرتبة الثانية عشرة في وظيفة دينية، وهكذا. ويعلم الله أني أؤيد طرفاً مما طرحت، لكن لا تبخسو الناس أشياءهم... وللمعلومية، فكثير من العلماء الربانيين الذين تلمس عليهم مسحة الإخلاص لا يتشوفون ولا يتطلعون لهذه الألقاب.. بل يغضبون كثيراً إذا لمسوا أي مبالغة.. وأذكر الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - قدم له أحد كبار الضباط في أحد المرافق العسكرية قبل أداء محاضرته فكان مما قال: نتشرف باستضافة فضيلة الشيخ ابن عثيمين وهو غني عن التعريف، فغضب الشيخ وعاتب القائل أمام الناس... علماً أنه كان آنذاك شبه غني عن التعريف لدى المستفيدين.. لكنه يعلم أن النفس البشرية ضعيفة، أمام هيجان الوجاهة والتصّدر... وكما قال صلى الله عليه وسلم: (إذا رأيتم المدّاحين، فاحثوا في وجوههم التراب..) والسلام عليكم.