أصابني الذهول لسماع خبر انتقال معالي الدكتور عبد العزيز الخويطر إلى رحمة الله تعالى بعد أن أمضى عدة أشهر في مستشفى الملك فيصل التخصصي للعلاج، ولم أكن على علم بذلك من قبل. فيما يخص شخصية معالي الدكتور عبد العزيز الخويطر - رحمه الله تعالى - حيث حظيت بشرف التعامل معه، كان هنالك مواقف لي مع معاليه أسردها في المواقف التالية: الأول: حينما كنت عميداً لكلية الطب كنت أحضر اجتماعات مجلس الجامعة والتى كان يرأسها معاليه مع معالي الدكتور خالد العنقري، وكنت أرى في معاليه الجدية والتعمق في الأسئلة، ملماً بالمواضيع التي تطرح، جاداً في أسلوبه، متأدباً في تعامله. الثاني: حظيت بالتعامل مع معاليه حينما كنت مديراً لجامعة الملك عبد العزيز، وكان جدياً يناقش قبل الاجتماع بالمجلس المواضيع بحرفية ومهنية تامة حتى يكون هنالك تنسيق فيما بيننا قبل اجتماعنا مجلس الجامعة. الثالث: تعرفت عليه أكثر حينما كنت أحضر مجلس الجامعة، وكنت أراه يناقش بتعمُّق غير مجامل، وكان حريصاً كل الحرص على اتباع الأنظمة واللوائح في تطبيق هذا أو ذلك القرار، ثم حظيت بالتعرف عليه حينما كنت بوزارة الصحة ووجدته لطيف المعاشر حلو اللسان مؤدباً خلوقاً، وكان يسرد علينا ما بين الفينة والأخرى بعضاً من المواقف مع أسد الجزيرة مؤسس الكيان السعودي الملك عبد العزيز - طيَّب الله ثراه - كما أنه كان يحدثنا عن بعض الأدبيات في كتبه. وكنت أتطلع إلى أن أجلس بجانبه إذا ما سمح وقت معاليه بذلك، ومن موقعي كوزير للصحة كنت أشارك في اجتماعات اللجنة الوزارية التي تناقش المواضيع التي تعرض على المقام السامي قبيل عرضها على مجلس الوزراء، وكان معالي الدكتور عبد العزيز الخويطر رئيساً للجنة الوزارية، وكان يحرص على أن تكون المناقشات موضوعية بناءة، كما أنه يتحلى بالصبر والجلد ويناقش كل نقطة بالتفصيل، مما أكسبه ود وتقدير واحترام جميع من تعاملوا معه. ثم تعرفت عليه في موقع آخر حينما كنت مستشاراً لخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز - طيَّب الله ثراه - وكان ودوداً لطيفاً يبذل قصارى جهده ويسرد الأحاديث الودية وبعض النوادر الأدبية مع خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز - طيَّب الله ثراه - والذي كان يرتاح كثيراً لأحاديث معالي الدكتور عبد العزيز الخويطر. إن هنالك قصتين تحكيان عن معالي الدكتور عبد العزيز الخويطر، ولقد سألت معاليه عنهما: الأولى: أن أخاه الدكتور صالح الخويطر قد عاد من الدراسة في ألمانيا كأول جراح بشهادة الزمالة، إلا أن معالي الدكتور عبد العزيز الخويطر برغم أنه كان وزيراً للمعارف رفض أن يُعيّن أخاه قبل أن تتم مصادقة شهادته من قبل لجنة التصاديق بوزارة التعليم العالي، مما يدل على التزامه واحترامه باللوائح والأنظمة المتبعة بالمملكة. الثانية: قصته المشهورة حينما كان مكلفاً كوزير للمالية، وأتى معاليه طلب من وزارة المعارف بطلب دعم بعض بنود الميزانية.. إلا أنه رفض الأمر حينما كان وزيراً للمالية بالنيابة واعتذر عن تحقيق المطلوب، فسألت معاليه رحمة الله عليه عن المغزى وراء ذلك، فأخبرنى أنه ملتزم التزاماً تاماً ولا يحيد قيد أنملة عن الأنظمة ولكنه بتصرفه هذا أحرج معالي وزير المالية حينما عاد إلى موقعه في أن يستأذن المقام السامي لصرف المبلغ لمعالي وزير المعارف، أما في ما يخص قصته مع أخيه فأخبرنى أنه إذا ما استثنى أخاه فإن ذلك قد يؤدي إلى طوفان من الاستثناءات لمن يستحق ومن لا يستحق، لذلك رغب في أن تعرض شهادة أخيه الدكتور صالح على لجنة معادلة الشهادات بوزارة التعليم العالي التزاماً بالأنظمة، فأكبرت ذلك في معاليه. رحم الله أبا محمد، فقد كان مدرسة في الالتزام بالأنظمة والقوانين، وكان مدرسة في التواضع والأدب الجم والأخلاق الحميدة. أسأل الله سبحانه وتعالى أن يتغمده بواسع رحمته، وأن يسكنه فسيح جناته، وأن يلهم آل بيته وذويه الصبر والسلوان..{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.