عاد لسيرته القديمة، يتحذلق، ويحوم، ويلف، ويدور حول مفهوم الوطنية، فلا شيء يستفز «الإخوانيين» مثل الحديث عن الوطن، والوطنية، ولا يزال مُصرا على أنه وطني، ولكن بطريقته الخاصة، وهي الطريقة التي لا يفهمها غيره، ولا يطبقها سواه، وشلته الحزبية، ومع أنه استاء من ردود فعل المثقفين السعوديين من مخطط الخيانة ضد وطنهم، إلا أنه لا يزال يصر على أن موقفه «الخانس الصامت» من تلك الخيانة كان ضربا من ضروب الوطنية!!، وقد عزز «أثرياء النضال» موقفه هذا، ووصفوه بأنه موقف «كامل الدسم»!!، وهذه المعضلة في مواجهة الواجب الوطني يواجهها كل انتهازي، يريد أن يرتقي على أكتاف وطنه إلى أعلى الدرجات، وفي ذات الوقت، لا يستطيع أن يتخلى عن أيديولوجيته الحزبية المناهضة للوطن، والوطنية!! القصة باختصار، يا سادة، هي أن الإخوانيين السعوديين عاشوا يحلمون بإقامة دولة الخلافة على أنقاض وطنهم، ثم جاء زمن التثوير العربي، ووقفت الولاياتالمتحدة، ووراءها قطار العالم الغربي خلف تنصيب التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، وتمت الإطاحة بالرئيس مبارك في مصر، وتنصيب التنظيم على سدة الحكم، وحينها تبارى صاحبنا، وشلته الحزبية في تدبيج المقالات التي توحي بأن حلمهم تحقق، وقد قالوا كل ما عندهم، وأعلنوا مواقفهم بكل وضوح، ثم فجأة، وعندما استيقظت مصر على هدير الشعب، الذي أدرك حجم الخيانة الغربية للثوار الحقيقيين، واستجاب الجيش المصري لذلك الهدير الغاضب، وأسقط حكومة الإخوان، حينها أسقط في أيدي إخوان السعودية، فمنهم من أعلن موقفه المناوئ لما حدث، ومنهم من صمت حتى جاءته التعليمات بالاعتراض على ما حصل، ومنهم «المتذاكي»، مثل صاحبنا أعلاه! هذا «المتذاكي»، ومع أنه من أشد إخوان السعودية ولاء، ونشاطا، إلا أنه -وبحكم المصلحة الذاتية- لم يتخذ موقفا علنيا من سقوط التنظيم، ولكنه جنّد نفسه حربا على الوطنيين، وكتب كثيرا عن «الوطنية»، لا ليثبت وطنيته، وهذا بعيد عنه، ولكن ليهجو المثقفين الوطنيين، وليضع شروطا للوطنية تتماهى مع نظرته لها، إذ إن كل الذين شجبوا مؤامرة الخيانة ضد الوطن، وساندوا الحكومة في مواقفها مع الشعب المصري، بعد ثورة يونيو، هم وطنيون مزيفون!!، وزارعون للكراهية!!، وهي الكراهية التي قد تثمر بغضا للوطن!!، ولذا فهو يطالب بألا يكون «مفهوم الوطنية» عصا في أيدي المثقفين، أي نعم، هو يريد أخذ العصا من هؤلاء المثقفين الوطنيين، وإعطاءها لإخوان السعودية، نعم إخوان السعودية، الذين يسمون الوطن «الوثن»، ويسممون أفكار أبنائنا بإقناعهم بأن مادة التربية الوطنية هي «التربية الوثنية»، ويعلم هؤلاء الحزبيون أن الذي زرع بغض الوطن، والوطنية في هذه البلاد هو تنظيم الإخوان السعودي، وقد فعل هذا، وانتهي من هذه المهمة منذ زمن بعيد، فمن بالله يستغفل هذا، وإلى متى سيواصل هذا السرد الممجوج، إذ لو كنت مكانه، لقلت بأعلى صوتي: «أنا إخواني.. أنا إخواني، ومن لم يعجبه فليشرب من ماء المحيط»، ولكنه لن يفعل ذلك، فالمصالح الذاتية مقدمة على كل شيء، والتقية هي ديدن الحزبيين في كل زمان، ومكان.