على الرغم من الأضرار الجسيمة التي لحقت بشركة مصر للطيران، في أعقاب ثورة 25 يناير، وتراجع حظوظ السياحة المصريَّة، آنذاك، إلا أن هذا لم يعن كلمة الختام للقائمين على هذا المرفق الحيوي، بل كان بالنسبة إليهم أكبر تحدٍّ يمكنهم أن يخوضوه للعودة بقوة بالناقل الوطني الجوي لبلادهم إلى صفوف المنافسة من جديد. (الجزيرة) التقت المدير العام للطيران المصري بالسعوديَّة (جمال الجزار) للوقوف على أبعاد الحالة الحرجة التي دخلتها مصر للطيران، ورحلة مرور الشركة الآمن البالغة الحساسية للتحليق من جديد. * نحو 7 مليارات جنيه خسائر تكبدتها الشركة منذ اندلاع ثورة يناير، حسب تصريحات لوزير الطيران المصري، كيف تمكنتم من ردم هذه الفجوة؟ - شركة مصر للطيران مرَّت بظروف قاسية منذ قيام ثورة 25 يناير، بسبب تدنِّي التدفقات السياحيَّة خلال الفترة الماضية، فحققت بعض الرحلات خسائر كبيرة؛ نتيجة لعدم الامتلاء على هذه الرحلات بالقدر الذي يغطي التكلفة الكبيرة للرحلات، والتغيّر في أسعار الوقود وارتفاع سعر الدولار في الأعوام الماضية. ولقد شكّلت لجنة برئاسة السيد وزير الطيران للوصول إلى تقليل نسبة الخسائر، وبذلنا خلال العام الماضي جهودًا مضنية لتقليل الخسائر ونجحنا بالفعل في تقليص الخسائر بنسبة 46 في المئة عن العام السابق عن طريق اتباع سياسات جدِّية لتقليل التكلفة بما لا يؤثِّر على العميل مع إعادة تخطيط الشبكة والمناورة بالطرازات وزيادة كفاءة التشغيل، لكن رغم هذا كلّّه ما زال أمامنا الكثير من أجل تخطي حاجز الخسائر، وأتوقع أن نخرج من عنق الزجاجة أو من هذه الدائرة في خلال العامين المقبلين خاصة بعد استقرار الأوضاع السياسيَّة والأمنيَّة. وعلى الجانب الآخر لم تثنِنا الخسائر عن النظر للمستقبل، فقد وضعنا خطة لزيادة أسطول مصر للطيران المكون حاليًّا من 81 طائرة إلى 127 طائرة، وكذلك الإحلال والتجديد لعدد من طائرات الأسطول الحالي خاصة طرازات البوينج 737-500 والإيرباص 320 والإيرباص 340. والبحث عن طرق غير تقليدية للاستفادة من الطرازات القديمة للطائرات عن طريق الإيجار لمدد طويلة، وسوف نعلن في القريب العاجل عن صفقة لإيجار بعض الطائرات القديمة لشركات أجنبية. * في خضم هذه الأزمة ومع تلك الخسائر التي تواجهها مصر للطيران.. ماذا عن قروض الشركة ومدى مقدرتها على الالتزام بسداد أقساطها؟ - نعم هناك عدد من القروض لتنفيذ مشروعات التطوير والتوسع، وليس المهم حجم القروض لكن الأهم هو القدرة الماليَّة للقطاع على السداد. وأودُّ أن أؤكد أن جميع المؤسسات الماليَّة العالميَّة تثق في مصر للطيران، والدليل على ذلك أننا رغم ارتفاع معامل المخاطر وانخفاض التصنيف الائتماني ما زلنا نتلقى عروضًا تمويلية كثيرة لمشروعات زيادة وتحديث الأسطول. أما فيما يخص القروض السابقة فهي قروض طويلة الأجل ولم يتم إعادة جدولتها أو تأجيل أقساطها بل نحن ملتزمون بالسداد في المواعيد المحدَّدة، وجميع قروض الشركة لمشروعات استثمارية تدر عائدًا يتم منه السداد وجميعها في الحدود الآمنة، وأؤكد أنها ليست ديونًا متراكمة كما ذكرتم ولكننا نقوم بالسداد في المواعيد المحدّدة دون تأجيل أو تأخير. أسعار تنافسية * تبقى أسعار التذاكر المشكلة الدائمة التي تواجه الراكب المصري الذي يرى أن أسعار مصر للطيران هي الأغلى.. لماذا؟ وهل هناك مميزات تشجيعية للركاب؟ - سؤالكم من الأَهمِّيّة بمكان، لذا أحب أن أقول: إن مصر للطيران ليست مُجرَّد تذكرة، وأن من يختزل الرحلة على متنها في السعر فقط ابتعد عن الواقع كثيرًا، كما أنّه لا صحة للزعم أبدًا بأن أسعارنا غالية، بل نراها متناسبة وتسير جنبًا إلى جنب مع أسعار الشركات المنافسة. كما أن الأمر محكوم بآليات السوق والعرض والطلب ومصر للطيران دائمًا حريصة على خدمة ركابها، أما الجانب الأهم في السؤال فيتمثَّل في أن المسافر على متن مصر للطيران يَتمَّتع بجملة من الخدمات والمميزات الراقية التي يستحسنها وتجعله حريصًا على التمسُّك بشركتنا في كلِّ رحلة كما أحب أن أقول: إن آخر استقراء ميداني قمنا بإجرائه لبيان رضا المسافرين على متن ناقلنا الجوي وصل إلى نسب رضا عالية جدًا. * ما الإجراءات التي تعتزم وزارة الطيران المدني المصريَّة اتِّخاذها لمعالجة المشكلات التي تواجه شركات الطيران الخاص؟ وفرص تشجيع هذا النشاط لجذب استثمارات جديدة؟ - وزارة الطيران تولي أهمية كبيرة لشركات الطيران الخاصَّة وترى أن دورها مكمل تمامًا لمصر للطيران خاصة في سوق كبير مثل مصر. وقد التقى وزير الطيران المدني الطيار حسام كمال الأسبوع الماضي رؤساء مجالس إدارات وممثلي شركات الطيران المصريَّة الخاصَّة لبحث أوضاع الشركات في ضوء الصعوبات التي تواجهها في السنوات الأخيرة. وكان الغرض الأساسي من اللقاء الخروج بنقاط محدّدة تساعد الشركات على الخروج من الأزمة الحالية، وقال: إنه بوصفه وزيرًا للطيران المدني يساند كل الأفكار الجادة والخطوات العملية لمساعدة الشركات الخاصَّة على الخروج من الأزمة. وأكَّد وزير الطيران أنه لا بد لشركات الطيران المصريَّة كافة بما فيها مصر للطيران من أن تتخذ خطوات جدِّية بعيدًا عن الشعارات لتتعاون فيما بينها. وأكَّد الوزير أنه قد طلب من وزارة البترول مَدّ فترة السماح بسداد ثمن الوقود بالجنيه المصري بدلاً من العملة الصعبة، وستصل الموافقة في غضون أيام. وفي نهاية الاجتماع أصدر الوزير قرارًا بتشكيل لجنة عاجلة برئاسته من جميع الشركات المصريَّة الخاصَّة وسلطة الطيران المدني ومصر للطيران لوضع آلية محدّدة لتنسيق الشبكات وجدول الرحلات بما يعزّز من قدرة الشركات المصريَّة على المنافسة. وفي مصر فرص استثمارية كبيرة في مجال الشركات الخاصَّة حيث لا يتطلب إنشاء شركة الطيران الخاصَّة شراء طائرة بل يمكن تأجير طائرة مطابقة لشروط السلامة القياسية وبرأس مال بسيط يمكن إنشاء شركة طيران وبشروط ميسرة. سماوات مفتوحة * وماذا عن سياسة الأجواء المفتوحة ورفع القيود التنظيمية والتشغيلية بين ناقلات البلدين مصر والسعوديَّة؟ - جميع المطارات المصريَّة وعددها 23 مفتوحة بنسبة 100 في المئة، ومصر من أكثر الدول تطبيقًا لنظام السموات المفتوحة، أما مطار القاهرة فهو مفتوح للحركة أمام الدول التي لدينا فيها نصيب عادل من الحركة، ومن أهم هذه الدول وعلى رأسها المملكة العربيَّة السعوديَّة. هذا بجانب ما قامت به وزارة الطيران المدني المصري من قرارات لفتح السعات لمطارات الجذب السياحي لزيادة الحركة السياحيَّة الوافدة، قامت أيْضًا بتقديم العديد من الحوافز لشركات الطيران مثل تخفيض أو إعفاء شركات الطيران من رسوم الإيواء والهبوط في مطارات المدن السياحيَّة، وكذلك تقديم حوافز لشركات الطيران العاملة بالمطارات في المدن السياحيَّة وذلك بنسب تصل إلى 60 في المئة على إجمالي الحركة. أي أن الشركات السعوديَّة حتَّى منخفضة التكاليف تستطيع القيام بأي عدد من الرحلات للمطارات الإقليميَّة دون قيد أو شرط، أما مطار القاهرة أيْضًا فهو مفتوح للشركات مع تطبيق بعض الشروط التشغيلية ومنها مثلاً أن تكون الناقلة مشغلة لدرجة رجال الأعمال وأسعار تذاكرها معلنة على نظم الحجز، لأنّه من دون تلك الشروط التنظيمية سيكتظ مطار القاهرة خاصة في ظلِّ إعادة بناء مبنى الركاب رقم 2 بمطار القاهرة الذي من المتوقع أن ينتهي بنهاية العام المقبل الذي يرفع السعة الاستيعابية بمقدار 7.5 مليون راكب، ليصبح إجمالي سعة مطار القاهرة 30.5 مليون راكب سنويًا. أما سعة المطارات الإقليميَّة السياحيَّة الآن فتبلغ 23 مليون راكب في العام، كما ساهمت المشروعات والاستثمارات التي قدمتها ودعمتها وزارة الطيران المدني المصري في مجال المطارات في النهوض بحجم الحركة الاستيعابية لمطارات الجمهورية، وتَمَّ التخطيط لرفع الطاقة الاستيعابية للمطارات المصريَّة لتصل إلى 75 مليون راكب مع انتهاء مشروعات التوسع الحالية. وهذا كلّّه يعني أن جمهورية مصر العربيَّة قامت بتحرير جميع مطارات الجمهورية أمام التشغيل المنتظم وذلك حتَّى من جانب واحد، في حين أن جميع الدول المنادية لتحرير الأجواء تلجأ لذلك على المستوى الثنائي، بمعنى أن جميع المطارات مفتوحة حتَّى أمام الدول التي لا تُطبّق السموات المفتوحة، مع وجود استثناء وحيد وهو مطار القاهرة. فالوزارة عازمة على المضي قدمًا في تطبيق سياسة التحرّر التدريجي لحريات النقل الجوي على المستوى الثنائي مع الدول وفقًا لأولويات تَضمَّن تحقيق المنفعة المتبادلة. انضباط الرحلات * يعاني الركاب مسألة التأخير في إقلاع بعض الرحلات وخصوصًا الدوليَّة وكذلك سحب مقاعد من الركاب المؤكّدة حجوزاتهم دون وجه حق.. ما رأيكم؟ - أولاً بوصفي مسؤولاً أرفض منطق التعميم في كلِّ شيء، فتأخُّر طائرة عن موعد إقلاعها ليس ظاهرة يمكن القياس عليها. كما أنني أحب لغة الرقم والتاريخ ومفردات الشكوى الواضحة، أما الحديث في المطلق والعموم فهو أمر لا يتناسب ولا يقدم حقيقة تقنع الرأي العام. ومصر للطيران معدل انتظام رحلاتها 98.6 في المئة حيث إنها تعمل ضمن معايير ومقاييس عالية في الانتظام ونوعية الخدمة المقدمة من أكبر تحالف عالمي (ستار). وإذا كان هناك تأخير فهو في المعدل الطّبيعي، وحتى أكون منصفًا فالتأخير وارد، وقد تكون له مبرّراته فنيَّة كانت أو لزحام المطار ويَتمُّ التعامل مع الراكب في هذه الحالات وإيجاد البديل المناسب، حيث إنه ضيف وليس مستخدمًا. وعن سحب المقاعد فهذا شيء مدهش حقيقة ومنذ أن توليت مسؤوليتي هنا لم أسمع هذه الشكوى من مسافر واحد. * هل هناك خطط إستراتيجية بين مصر والسعوديَّة من حيث التعاون في التشغيل والصيانة وكذلك تبادل الخبرات؟ - نعم هناك الكثير من التعاون مع الشركات السعوديَّة في جميع المجالات، فهناك كثير من الشركات السعوديَّة تقوم بعمل الصيانة لطائراتها في مصر وكذلك تقوم شركة الصيانة بعمل الصيانة اليومية للعديد من الشركات التي تعمل للمطارات المصريَّة. وكذلك هناك تعاون في مجال الخدمات الأرضية والشحن والخدمات الأمنيَّة. * هل فتحت الرحلات إلى مدينة الغردقة؟ - جارٍ أخذ الموافقات من قبل سلطات الطيران المدني السعودي وقد أبدوا التعاون المعتاد والمساعدة في زيادة حركة النقل بين جميع المدن السعوديَّة وجميع المدن المصريَّة وإن شاء الله سوف يتم تسيير أول رحلة في النصف الثاني من شهر أبريل من مدينتي جدة والرياض.