من كلية صغيرة ناشئة باسم «كلية البترول والمعادن» عندما فتحت أبوابها في يوم 8 شوال 1384 ه - 9 فبراير 1965 ب (67) طالباً وبأربعة خريجين من طلابها في العام الجامعي 1391-1392 كأول دفعة إلى «جامعة البترول والمعادن» في 1395ه إلى «جامعة الملك فهد للبترول والمعادن» في 1407ه كجامعة عالمية تنافس أكبر مراكز العلم التطبيقي في العالم بتميز خريجيها وتفوقهم في الاختراع والإنجاز العلمي ! من 67 طالبا عام 1384ه وأربعة خريجين عام 1392ه إلى أكثر من خمسة عشر ألف طالب في كل المستويات والمراحل والتخصصات و 2849 طالبا تخرجوا في الجامعة هذا العام 1435ه من بينهم 264 خريجا يحملون درجتي الماجستير والدكتوراه ! ومن كلية واحدة إلى عشر كليات علمية تضم أربعة وأربعين قسما في تخصصات مختلفة تبدأ من كلية الحاسب الآلي وتنتهي بكلية المجتمع مرورا بكليات الهندسة والعلوم والإدارة الصناعية وتصاميم البيئة وغيرها. وفي احتفال الجامعة بتخريج الدفعة 43 من طلابها والاحتفال بمرور نصف قرن على إنشائها قبل ثلاثة أسابيع أشار الدكتور خالد بن صالح السلطان إلى أرقام ورؤوس معلومات مهمة جدا تضع الجامعة بالفعل في المستوى العالمي؛ فقد ذكر أن جامعة الملك فهد تستقطب أفضل 2 % من المتميزين من الطلاب على مستوى المملكة، وأن جهات التوظيف بلغت 140 في يوم المهنة قدمت عروضا وظيفية مغرية وبميزات مالية وعملية للخريجين، وأن الجامعة استقطبت من خلال وادي الظهران للتقنية خمسا وعشرين شركة عالمية للقيام بأبحاث مشتركة مما يجعل وادي الظهران للتقنية أكبر تجمع عالمي لأبحاث البترول والغاز والبتروكيماويات والطاقة، كما أن الجامعة نجحت في إنشاء واستمرار المجلس الاستشاري الدولي الذي يضم في دورته الثالثة قياداتٍ عالمية أكاديمية وصناعية، ليوجه الجامعة لمزيد من التميز والعطاء وبمنظور عالمي في الجوانب الأكاديمية والبحثية وخدمة المجتمع وتعاون بحثي وأكاديمي وثيق مع أهم الجامعات والمراكز البحثية العالمية مثل (MIT) وستانفورد وكامبريدج وكالتيك، وجورجيا تك، وكايست وغيرها. وقد حصلت الجامعة على الرقم 19 في براءة الاختراع هذا العام 2014م على مستوى العالم، وتحتل الجامعة المركز الأول عربيا لسنوات طويلة وفي الصفوف الأولى على المستوى العالمي حسب مقاييس مراكز التصنيف الدولي. لقد نجحت الجامعة أن تكون «جامعة سعودية بمواصفات عالمية» بالحفاظ على التميز ومواكبة المستجدات العالمية. ومن تجربة عملية وبمتابعة دقيقة لسير العملية التعليمية لسنوات خمس هي الفترة التي قضاها ابني مشعل الذي درس تخصصي الهندسة الكهربائية والرياضيات في هذا الصرح العلمي الفاخر الذي يرفع رؤوسنا عاليا بكل الفخر والاعتزاز؛ ازداد إيماني ويقيني بأن نهضتنا الحضارية آخذة في التصاعد والتطور وتحقيق منجزات علمية جديدة على مستويات مختلفة، وأن لدينا - رغم ما نشعر به أحيانا من إحباط علمي في جامعات أخرى - ما يرفع رؤوسنا عاليا كجامعة الملك فهد؛ لما تتميز به من انضباط شديد في أداء العملية التعليمية، وفي صرامة المحاسبة على الحضور وتقييم البحوث وإنضاج شخصية الطالب بالتكليفات البحثية الثقيلة ثم تقديمه على صورة «برزنتيشن» أمام محفل من الطلبة والأساتذة؛ لكي يتعود الطلاب على الإلقاء وجودة العرض والتمكن من التميز في التعبير عن الأفكار والمناقشة. وفي مقابل جامعة الملك فهد الحازمة الصارمة الجادة التي لا يمكن أن يحسب للطالب حضور بعد دخول الأستاذ القاعة ولا يمكن قبول بحث بعد مضي الساعة التي حددت لقبوله؛ نجد جامعات أخرى تمنح الشهادات لطلاب لا يجيدون كتابة أسمائهم، ولطلاب لم يحضروا قاعات الدرس إلا لماما وكأنهم منتسبون، ولطلاب لا يحسنون الوصول إلى المعلومة في مظانها بله مناقشتها وتحرير رؤية ذاتية ناضجة عنها. وإذا كنا نزهو بتزايد أعداد جامعتنا سنة بعد أخرى؛ فإن نهضتنا الحضارية لن يقدمها خطوات إلى الأمام مائة جامعة شكلية تخرج حاملي شهادات للوظيفة فحسب؛ بل نوعية مميزة من الجامعات كجامعة الملك فهد تخرج علماء وباحثين متميزين.