في أمريكا هناك حرب ضروس، ومعارك شرسة تدار على أرصفة الشوارع التجارية، وأسفل ناطحات الساحاب الشاهقة، وأمام المحلات والمعارض العالمية، بين الباعة المتجولين وأصحاب هذه المعارض!. السبب هو أن البائع المتجول (مهنة تطورت) في العالم، وتم الاعتراف بها، وهناك دول استفادت من وجود هذه المهنة في تقنين ممارسيها، ومنحهم حقوق وتكليفهم بواجبات، والصالح العام يعود للمشتري سواءً كان مواطناً أو مقيماً أو سائحاً!. بينما في المقابل هناك دول منعت وحاربة البيع الجائل على أنه ظاهرة -غير حضارية- ولكنها لم تفلح في نهاية المطاف من القضاء على هذه الظاهرة، التي بدأت تأخذ أشكال متعددة مشوهة المنظر العام للبلد، دون حسيب أو رقيب؟!. الفرق بين ما يحدث في أمريكا وما يحدث في شوارعنا، أن الأمريكان نجحوا في تحويل الباعة المتجولين من مصدر خطر، إلى ورقة فرصة متاحة ومرخص لها من قبل البلدية، لتقديم البضائع بأسعار مخفضة، وبطريقة نظامية معروفة المصدر (البائع على الأقل)، حيث يملك كل بائع رقماً خاصاً كتصريح للعمل (بالبسطة)، وعرض بضاعته في أيّ مكان فيه كثافة، بشرط الإلتزام بضوابط محددة، وشروط مكتوبة في الترخيص الذي يحمله تضمن عدم وجود خطر عليه أو على المشتري، وعدم إغلاق الشوارع والوقوف في أماكن متفق عليها... إلخ!. بينما البلدية لدينا تمنح السعودي مثل هذا التصريح، ولكنه للأسف تصريح مقيّد بمكان محدد، بمعنى أنه محل تجاري ثابت، وهذه الفكرة أثبتت عدم جدوها لمعظم ممارسي الأنشطة، مما يتطلب من أمانات المناطق التفكير في منح تصريح متنقل للبائع السعودي، ومنحه رقم خاص للبيع المتجول، ووسيلة اتصال للتواصل عند الضرورة، ومنطقة محددة وليس مكاناً محدداً، لكي يبحث عن رزقه بالطريقة المتجولة الحقيقة، فقد يذهب صباحاً إلى مناطق معينه، بينما في المساء يذهب إلى مناطق أخرى، ليتكيف مع المناسبات والمهرجانات، بدلاً من تدخل البلدية في تخصيص أماكن البيع؟!. إذا ما أردنا بالفعل مساعدة هؤلاء الشباب على العمل، فلنمنحهم تصريحاً متحركاً ومتنقلاً، على طريقة (فرّقنا) أيام زمان، عندما كان البائع يحمل (قشعة) فوق رأسه، ويدور بها في الشوارع، وهذا التصريح يضمن لي كزبون الحصول على السلعة، من بائع معروف، وله مرجعية عند الحاجة، كما يفعل الأمريكان!. وعلى دروب الخير نلتقي،،،