مستشفى الملك خالد الجامعي بالرياض كان -والحق يقال- منذ تأسيسة وافتتاحه قبل ثلاثين عاماً يمثل في سيرته الإنسانية وتاريخه الحافل بالإنجازات الطبية أنموذج المستشفى المثالي في نبل العطاء الفاعل الملموس. يجلل ذلك بالفخار ويضفي عليه المزيد من الاعتزاز أن الكثير من تلك الجهود المبذولة في الارتقاء والشموخ والشهرة تمت على التوالي على أيدي نخب من عمالقة الطب من أبناء هذا الوطن الغالي يمثلون طلائع البعثات الأولى للخارج الذين تغربوا سنين طويلة للتحصيل الجاد الطموح وعادوا بعد تخرجهم بأزكى الثمرات في أهم التخصصات في المجال الطبي وسدوا بعد عودتهم فراغاً ملموساً بفضل الله ثم بفضل تضحياتهم وإخلاصهم لمهنتهم وخدمة وطنهم.. ولكن كما يقال دوام الحال من المحال ومع ازدياد الأعباء الملقاة على عاتق هذا المستشفى طيلة العقود الثلاثة الماضية وتضاعف عدد المراجعين له من شتى إنحاء المملكة، ومع حرص المسؤولين عنه من المحافظة على مستواه المعهود فإن الكثرة - كما يقول المثل- تغلب الشجاعة.. لذا نقولها بصراحة وصدق وأمانة ووطنية فإن أخشى ما نخشاه أن تنعكس الصورة عن هذا المستشفى الرائد العملاق ليس بتقصير من مسؤول ولكن بسبب الزحام الملموس والمواعيد الطويلة بسبب الأعداد الهائلة من المراجعين والذين تكتظ بهم صالات وغرف وممرات المستشفى ليلاً ونهاراً. وتعود بعض الأسباب الأخرى وليس كلها في ظني ومن الواقع الملموس والمشهود إلى المعوقات التالية: 1 - تضاعف المسؤوليات والأعباء على المستشفى، يقابل ذلك عدم زيادة الإمكانات بما يتناسب أو يوازي تقريباًً هذه المسؤوليات التي تتضاعف مع كثرة المرضى. 2 - التأخر في تطوير أقسام الطوارئ والإسعاف وتوسعتها بالمستشفى بما يتناسب مع الكثرة الكاثرة من ضحايا الحوادث المريعة المروعة المختلفة، وكذلك كثرة المراجعين من كبار السن ممن يعانون من أمراض القلب والتنفس ومضاعفات أمراض السكر والضغط المفاجئة وغيرها. 3 - من الأسباب الجوهرية أن بعض أطباء المستشفى وخصوصاً الاستشاريين كغيرهم من زملائهم في المستشفيات الجامعية والحكومية والعسكرية غير متفرغين تماماً لعملهم الأساسي والرئيس، إذ أصبح الكثير منهم يعمل في عيادات خاصة ومستشفيات أهلية وغيرها... تستنزف من وقتهم وجهدهم الكثير بما يؤثر على عملهم الوظيفي في مستشفياتهم الرئيسة. 4 - أناشد المسؤولين في الجامعة وفي وزارة التعليم العالي أن يحثوا الخطى ويختصروا الزمن من أجل إنجاز المشاريع التي تحت التنفيذ لاستكمال المدينة الطبية في الجامعة التي هي في طور البناء والتجهيز للتخفيف عن واقع المستشفى الحالي ويكتمل العقد وتشع الفرحة لدى الكثير من الذين يتجرعون مرارة الانتظار ويحلمون بموعد قريب أو سرير تنويم مريح يسهل الوصول إليه. كما إنني في هذه المناسبة أتساءل كأي مواطن عادي ينشد المصلحة العامة وأقول لمعالي وزير التعليم العالي أعانه الله.. ما هي أخبار المستشفيات الجامعية المقررة والتي تمت الموافقة عليها.. مستشفى جامعة الإمام ومستشفى جامعة الأميرة نورة.. حتى تخفف العبء عن مستشفى الملك خالد الجامعي الوحيد في العاصمة الرياض. والله من وراء القصد.