كما كان متوقعاً عاد شبح العمليات الإرهابية ليخيم على بعض المناطق التي يكثر بها تواجد أصحاب الفكر المتشدد حيث انهالت قنبلتا مولوتوف على مركز للأمن يقع وسط مدينة البرنوصة بمحافظة الكاف، مما ألحق به أضراراً مادية كبيرة فيما لم يصب أي من الأمنيين الموجودين داخل المركز بأذى. وقالت مصادر أمنية أن عناصر من تنظيم أنصار الشريعة المصنف إرهابيا، كانوا اعترضوا سبيل دورية أمنية قبيل ذلك بساعة وألقوا عليها زجاجات المولوتوف دون أن ينجحوا في إصابة الأعوان. وترجح هذه المصادر أن يكون هذان الاعتداءان مندرجين ضمن سلسلة من الهجمات العنيفة التي تعرض لها عدد من الأمنيين بالجهة خلال الفترة الأخيرة حيث تمّ تسجيل عمليات استهداف خطيرة من قبل مجموعات متطرفة تحسب على تنظيم أنصار الشريعة المحظور. وكانت المحافظة شهدت خلال الأسبوعين الماضيين حملة إيقافات واسعة في صفوف بعض المشتبه في تورطهم في عمليات إرهابية. والخطير في هذه العمليات التي لم تسفر سوى عن خسائر مادية، إنها تقيم الدليل على أن بؤر الإرهاب لا تزال تحيا وتعيش وسط المدن والقرى صلب المجتمع التونسي بعد أن كانت العناصر المسلحة مكتفية بالتحصن بالجبال، وهي بصدد إعداد العدة للعودة إلى واجهة الأحداث، تماماً كما كان الخبير في الأمن الإستراتيجي نورالدين النيفر قد حذر من ذي قبل، أمام استبشار البعض بسيطرة القوات المشتركة من جيش وأمن على جبل الشعانبي من محافظة القصرين الجنوبية. ويشار هنا إلى أن معهد واشنطن الأمريكي نشر مقالا بعنوان (شباب التوحيد الحلة الجديدة لأنصار الشريعة في تونس) بقلم «هارون زيلين»، أوضح فيه أنّه بعد تصنيف الحكومة التونسية لجماعة أنصار الشريعة كمنظمة إرهابية منذ أكثر من ثمانية أشهر واتخاذها لإجراءات صارمة ضد أنشطة هذه الجماعة، يبدو أن هذه الجماعة عادت للنشاط في حلة جديدة باسم «شباب التوحيد»، وهو ما سينعكس على الجهود المبذولة لمواجهة الجهاديين التونسيين وشركائهم في ليبيا. وأوضح صاحب المقال بأن المعلومات الجديدة تؤكد أن جماعة أنصار الشريعة وبعد صمت لم يطل كثيراً، ارتدت حلة جديدة تحت راية «شباب التوحيد في تونس» وكذلك في ليبيا، التي يُعتقد أنها مقر أبو عياض الحالي. على أن هياكل قيادة «أنصار الشريعة في تونس» تندرج بشكل متزايد تحت لواء المنظمة الشقيقة، «أنصار الشريعة في ليبيا». ويذهب كاتب المقال بعيداً في تحليله لعلاقة «شباب التوحيد في تونس» بالمنظمات الإرهابية حيث يقول: «تم إنشاء وسيلة إعلامية جديدة على الإنترنت تُدعى «شباب التوحيد للإعلام». وقد تجلت أهدافها الرئيسية حتى الآن بأن تكون بمثابة «منبر أهل السنة في تونس» وتعبّر عن الدعم لتنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» داعش. سياسياً، تتواصل الدعوات إلى حل المجلس التأسيسي ولعلها ازدادت حدة بعد هدوء عاصفة مساءلة وزيرين بحكومة المهدي جمعة من طرف المجلس، فيما تصاعدت دعوات أخرى لإسكات كل من يدعو إلى إحداث فراغ دستوري، حيث قال قياديون بأحزاب كبيرة إن المجلس كان محل توافق عند انطلاق أشغاله بالرغم من بطء نسقها، إلا أنه أضحى خلال الأسابيع الأخيرة حلبة صراع بل ملاكمة بين نواب من كتل متابينة بسبب اختلاف الآراء. وقد اعتبر عديد المختصين أن ما أصبح يجري تحت قبة التأسيسي ليس سوى حملات انتخابية سابقة لأوانها ورغبة من البعض في البروز خدمة لمصالحهم السياسية الشخصية أو الحزبية. ويقول الأستاذ قيس سعيد في هذا السياق إنّ عديداً من النواب تفطنوا إلى أن صورهم في الجلسات العامة يشاهدها عديد التونسيين عبر التلفزة فأصبحوا لا يفوتون أية فرصة دون محاولة البروز أمام الكاميرا، رغم تفاهة بعض الأسباب، في حين تكون تصرفاتهم هادئة داخل اللجان عندما لا تكون كاميرا التلفزة حاضرة». وفي سياق غير متصل، جدد وزير الخارجية منجي الحامدي تمسك الدولة بالعمل على سلامة الدبلوماسيين المخطوفين في ليبيا دون المساس من هيبة الدولة مقراً بأن إطلاق سراح السفير الأردني قد عقّد العملية على تونس التي لا تزال سلطتها ترفض الاستجابة لشروط الجماعة التي تحتجز الديبلوماسيين مطالبة بمقايضتهما بعنصرين من أنصار الشريعة مسجونين بتونس في قضية ارهاب.