قال ابن الجوزي في صيد الخاطر (ص:707): (وليس للآدمي أعز من نفسه، وقد عجبت ممن يخاطر بها ويعرضها للهلاك!! والسبب في ذلك قلة العقل وسوء النظر) والمخاطرة بالنفس وتعريضها للهلاك مداخِلُه على الإنسان كثيرة وسبله متعددة منها ترك ما أمر الله به من الفرائض التي في تركها هلاك للروح، ومنها إقامة الإنسان على المعاصي والسيئات واليأس من التوبة. ومنها ترك المنهج الصحيح في التدين والاتباع والذهاب إلى مناهج التحزب لغير جماعة المسلمين وإمامهم كمن يخرج بذلك عن لزوم الجماعة والسلطان ويجعل الولاء والطاعة لحزبه دون ولاة أمره، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى (11/514): (فأما الانتساب - أي إلى الجماعات والأشخاص- الذي يفرق المسلمين وفيه خروج عن الجماعة والائتلاف إلى الفرقة وسلوك طريق الابتداع ومفارقة السنة والاتباع، فهذا مما يُنهى عنه ويأثم فاعله). فالتحزب للأهواء والبدع المخالفة للسنة والتحزب للأشخاص والجماعات كجماعة الإخوان وغيرها دون الكتاب والسنة ونهج سلف الأمة أحد أكبر أسباب الفرقة والفتنة، ولا أدل على خطورة ذلك من صدور بيان وزارة الداخلية الذي هو تنفيذ للأمر الملكي الكريم بتحريم الجماعات والتنظيمات والأحزاب المخالفة وجعلها إرهابية وكلها مخاطر وإلقاء النفس في التهلكة. ومنها تعريض الإنسان بنفسه في مقاتلة لا وجهة لها أو الذهاب إلى مواطن الصراع أو سفر مخوف، أو يدخل تحت شيء فيه خطر، أو يذهب للقتال مع جماعة أو حزب مجهول لا يعرف، لأن الجهاد الحق لا يكون إلا بإذن الإمام وتحت راية معلومة كما دلت عليه الأدلة الشرعية فإذا خلا عن ذلك دخل في الوعيد في قوله عليه الصلاة والسلام: «من قاتل تحت راية عُمِّيَّة يغضب لعصبة أو يدعو إلى عصبة أو ينصر عصبة فقتل فقتلته جاهلية» رواه مسلم (1848). ومنها تعريض النفس للانتحار وهو أن يباشر الإنسان قتل روحه بنفسه بأي سبب كان، أو يباشر قتل نفسه وقتل غيره معه بما يسمى بالعمليات الانتحارية فهذه فعلة محرمة وكبيرة من كبائر الذنوب. والسبب في كل ما تقدم قلة العلم وضعف العقل وترك إعماله في النظر والاستدلال وعدم معرفته لمآلات الأمور بعد ذلك فعلى الإنسان وخصوصاً الشباب منهم أن يتفطنوا لهذا ولا يتقرّبوا إلى الله إلا بما شرع.